للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهَا كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْمَشْهُورَةُ بِنَاحِيَةِ نَسَا (مِنْ خُرَاسَانَ) ، فَخَرِبَتْ قُرًى كَثِيرَةً، وَمَاتَ تَحْتَ الْهَدْمِ عَالَمٌ عَظِيمٌ، وَكَانَتْ عَظِيمَةً جِدًّا.

وَفِيهَا اسْتَقْدَمَ الْأَمِيرُ نُوحٌ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ النَّسَفِيَّ الْبَرْدَهِيَّ، وَكَانَ قَدْ طُعِنَ فِيهِ عِنْدَهُ، فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ، فَسُرِقَ مِنَ الْجِذْعِ، وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ سَرَقَهُ.

وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ مُقْلَةَ ثَامِنَ شَهْرِ رَمَضَانَ، بَعْدَ إِصْعَادِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ مِنْ بَغْدَاذَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَقَبْلَ إِصْعَادِ أَخِيهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ مِنْ وَاسِطَ إِلَى بَغْدَادَ.

وَفِيهَا أَرْسَلَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى الْمُتَّقِي لِلَّهِ يَطْلُبُ مِنْدِيلًا، زَعَمَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ، فَصَارَتْ صُورَةُ وَجْهِهِ فِيهِ، وَأَنَّهُ فِي بَيْعَةِ الرُّهَا. وَذَكَرَ أَنَّهُ إِنْ أَرْسَلَ الْمِنْدِيلَ، أَطْلَقَ عَدَدًا كَثِيرًا مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَحْضَرَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ الْقُضَاةَ وَالْفُقَهَاءَ، وَاسْتَفْتَاهُمْ فَاخْتَلَفُوا، فَبَعْضٌ رَأَى تَسْلِيمَهُ إِلَى الْمَلِكِ وَإِطْلَاقَ الْأَسْرَى، وَبَعْضٌ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْمِنْدِيلَ لَمْ يَزَلْ مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَطْلُبْهُ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الرُّومِ، وَفِي دَفْعِهِ إِلَيْهِمْ غَضَاضَةٌ.

وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْوَزِيرُ، فَقَالَ: إِنَّ خَلَاصَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَسْرِ وَمِنَ الضُّرِّ وَالضَّنْكِ الَّذِي هُمْ فِيهِ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ هَذَا الْمِنْدِيلِ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِمْ، وَإِطْلَاقِ الْأَسْرَى، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ مَنْ يَتَسَلَّمُ الْأَسْرَى مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فَأُطْلِقُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>