نَازَلَهَا، فَارَقَهَا يَأْنَسُ وَسَارَ إِلَى الْإِخْشِيدِ، فَمَلَكَهَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ) ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى حِمْصَ، فَلَقِيَهُ بِهَا عَسْكَرُ الْإِخْشِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ طُغْجَ، صَاحِبِ الشَّامِ وَمِصْرَ مَعَ مَوْلَاهُ كَافُورٍ، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْإِخْشِيدِ وَكَافُورٌ، وَمَلَكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ مَدِينَةَ حِمْصَ، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ فَحَصَرَهَا، فَلَمْ يَفْتَحْهَا أَهْلُهَا لَهُ فَرَجَعَ.
وَكَانَ الْإِخْشِيدُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، وَسَارَ خَلْفَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَالْتَقَيَا بِقِنَّسْرِينَ، فَلَمْ يَظْفَرْ أَحَدُ الْعَسْكَرَيْنِ بِالْآخَرِ، وَرَجَعَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْجَزِيرَةِ، فَلَمَّا عَادَ الْإِخْشِيدُ إِلَى دِمَشْقَ، رَجَعَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ، وَلَمَّا مَلَكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ حَلَبَ، سَارَتِ الرُّومُ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا، فَظَفَرَ بِهِمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَامِنِ جُمَادَى الْأُولَى، قَبَضَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ عَلَى كَاتِبِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعَلَى أَخِيهِ، وَاسْتَكْتَبَ أَبَا أَحْمَدَ الْفَضْلَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيَّ عَلَى خَاصِّ أَمْرِهِ، وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ لَمَّا تَقَلَّدَ الْمُسْتَكْفِي الْخِلَافَةَ بِالْمَوْصِلِ، يَكْتُبُ لِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ تَقَلُّدِهِ الْخِلَافَةَ، انْحَدَرَ إِلَى بَغْدَاذَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَخْدِمُ الْمُسْتَكْفِيَ بِاللَّهِ، وَيَكْتُبُ لَهُ وَهُوَ فِي دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ.
وَفِيهَا فِي رَجَبٍ سَارَ تُوزُونُ وَمَعَهُ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ مِنْ بَغْدَاذَ يُرِيدَانِ الْمَوْصِلَ، وَقَصَدَ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَخَّرَ حَمْلَ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ ضَمَانِ الْبِلَادِ، وَاسْتَخْدَمَ غِلْمَانًا هَرَبُوا مِنْ تُوزُونَ، وَكَانَ الشَّرْطُ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ أَحَدًا مِنْ عَسْكَرِ تُوزُونَ.
فَلَمَّا خَرَجَ الْخَلِيفَةُ وَتُوزُونُ مِنْ بَغْدَاذَ، تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي الصُّلْحِ، وَتَوَسَّطَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ شَيْرَزَادَ الْأَمْرَ، وَانْقَادَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ لِحَمْلِ الْمَالِ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مُكْرَمٍ كَاتِبُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ هُوَ الرَّسُولُ فِي ذَلِكَ، وَلَمَّا تَقَرَّرَ الصُّلْحُ عَادَ الْمُسْتَكْفِي وَتُوزُونُ فَدَخَلَا بَغْدَاذَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute