ذِكْرُ مُصَالَحَةِ أَبِي عَلِيٍّ مَعَ نُوحٍ
ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ أَقَامَ بِالصَّغَانِيَانِ، فَبَلَغَهُ أَنَّ الْأَمِيرَ نُوحًا قَدْ عَزَمَ عَلَى تَسْيِيرِ عَسْكَرٍ إِلَيْهِ، فَجَمَعَ أَبُو عَلِيٍّ الْجُيُوشَ وَخَرَجَ إِلَى بَلْخَ وَأَقَامَ بِهَا، وَأَتَاهُ رَسُولُ الْأَمِيرِ نُوحٍ فِي الصُّلْحِ، فَأَجَابَ إِلَيْهِ، فَأَبَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ مِنْ قُوَّادِ نُوحٍ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَيْهِ، وَقَالُوا: نُحِبُّ أَنْ تَرُدَّنَا إِلَى مَنَازِلِنَا، ثُمَّ صَالَحَ، (فَخَرَجَ أَبُو عَلِيٍّ نَحْوَ بُخَارَى) ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ نُوحٌ فِي عَسَاكِرِهِ، وَجَعَلَ الْفَضْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخَا أَبِي عَلِيٍّ صَاحِبَ جَيْشِهِ، فَالْتَقَوْا بِجُرْجِيكَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُحَارَبُوا قُبَيْلَ الْعَصْرِ، فَاسْتَأْمَنَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الدَّاعِيَ إِلَى نُوحٍ، وَتَفَرَّقَ الْعَسْكَرُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، فَانْهَزَمَ وَرَجَعَ إِلَى الصَّغَانِيَانِ.
ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ الْأَمِيرَ نُوحًا قَدْ أَمَرَ الْعَسَاكِرَ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ مِنْ بُخَارَى وَبَلْخَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَنَّ صَاحِبَ الْخُتَّلِ قَدْ تَجَهَّزَ لِمُسَاعَدَةِ أَبِي عَلِيٍّ، فَسَارَ أَبُو عَلِيٍّ فِي جَيْشِهِ إِلَى تِرْمِذَ، وَعَبَرَ جَيْحُونَ، وَسَارَ إِلَى بَلْخَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى طَخَارِسْتَانَ، وَجَبَى مَالَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ.
وَسَارَ مِنْ بُخَارَى عَسْكَرٌ جَرَّارٌ إِلَى الصَّغَانِيَانِ، فَأَقَامُوا بِنَسْفَ وَمَعَهُمُ الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخُو أَبِي عَلِيٍّ، فَكَتَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِ الْعَسْكَرِ إِلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ بِأَنَّ الْفَضْلَ قَدِ اتَّهَمُوهُ بِالْمَيْلِ إِلَى أَخِيهِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَسَيَّرُوهُ إِلَى بُخَارَى.
وَبَلَغَ خَبَرُ الْعَسْكَرِ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ، وَهُوَ بِطَخَارِسْتَانَ، فَعَادَ إِلَى الصَّغَانِيَانِ وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ أَبُو عَلِيٍّ فِي الْعَلُوفَةِ، فَانْتَقَلُوا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الصَّغَانِيَانِ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو عَلِيٍّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَهَرُوهُ، وَسَارَ إِلَى شُومَانَ وَهِيَ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا مِنَ الصَّغَانِيَانِ، وَدَخَلَ عَسْكَرُ نُوحٍ إِلَى الصَّغَانِيَانِ، فَأَخْرَبُوا قُصُورَ أَبِي عَلِيٍّ وَمَسَاكِنَهُ، وَتَبِعُوا أَبَا عَلِيٍّ، فَعَادَ إِلَيْهِمْ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْكَتِيبَةُ، وَضَيَّقَ عَلَى عَسْكَرِ نُوحٍ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمَسَالِكَ، فَانْقَطَعَتْ عَنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute