أَخْبَارُ بُخَارَى، وَأَخْبَارُهُمْ عَنْ بُخَارَى نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا، فَأَرْسَلُوا إِلَى أَبِي عَلِيٍّ يَطْلُبُونَ الصُّلْحَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى إِنْفَاذِ ابْنِهِ أَبِي الْمُظَفَّرِ عَبْدِ اللَّهِ رَهِينَةً إِلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ، وَاسْتَقَرَّ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
وَسَيَّرَ ابْنَهُ إِلَى بُخَارَى، فَأَمَرَ نُوحٌ بِاسْتِقْبَالِهِ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إِلَيْهِ بِعِمَامَةٍ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ الْقَلَنْسُوَةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ نُدَمَائِهِ، وَزَالَ الْخُلْفُ.
وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَذْكُرَ هَذِهِ الْحَوَادِثَ فِي السِّنِينَ الَّتِي هِيَ فِيهَا كَانَتْ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهَا مُتَتَابِعَةً فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِئَلَّا يَتَفَرَّقُ ذِكْرُهَا.
هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ التَّوَارِيخِ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّونَ هَذِهِ الْحَوَادِثَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ السِّيَاقَةِ، وَأَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِهِمْ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ مُخْتَصَرًا، قَالُوا: إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ لَمَّا سَارَ نَحْوَ الرَّيِّ فِي عَسَاكِرِ خُرَاسَانَ، كَتَبَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِمُفَارَقَةِ الرَّيِّ وَالْوُصُولِ إِلَيْهِ لِتَدْبِيرٍ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَفَعَلَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ.
وَدَخَلَ أَبُو عَلِيٍّ الرَّيَّ، فَكَتَبَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ إِلَى نُوحٍ سِرًّا يَبْذُلُ لَهُ فِي الرَّيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ زِيَادَةً عَلَى مَا بَذَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَيُعَجِّلُ ضَمَانَ سَنَةٍ، وَيَبْذُلُ مِنْ نَفْسِهِ مُسَاعَدَتَهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ حَتَّى يَظْفَرَ بِهِ (وَخَوَّفَهُ مِنْهُ) ، فَاسْتَشَارَ نُوحٌ أَصْحَابَهُ، وَكَانُوا يَحْسُدُونَ أَبَا عَلِيٍّ وَيُعَادُونَهُ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِإِجَابَتِهِ، فَأَرْسَلَ نُوحٌ إِلَى ابْنِ بُوَيْهِ مَنْ يُقَرِّرُ الْقَاعِدَةَ وَيَقْبِضُ الْمَالَ، فَأَكْرَمَ الرَّسُولَ وَوَصَلَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ يُعْلِمُهُ خَبَرَ هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَأَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى عَهْدِهِ وَوُدِّهِ، وَحَذَّرَهُ مِنْ غَدْرِ الْأَمِيرِ نُوحٍ، فَأَنْفَذَ أَبُو عَلِيٍّ رَسُولَهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ بِالْمَوْصِلِ يَسْتَدْعِيهِ لِيُمَلِّكَهُ الْبِلَادَ، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ، فَلَقِيَهُ أَبُو عَلِيٍّ بِهَمَذَانَ، وَسَارُوا إِلَى خُرَاسَانَ.
وَكَتَبَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ يَأْمُرُهُ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الرَّيِّ، فَعَادَ إِلَيْهِ، وَاضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ، وَرَدَّ عِمَادُ الدَّوْلَةِ رَسُولَ نُوحٍ بِغَيْرِ مَالٍ، وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ أُنْفِذَ الْمَالَ فَيَأْخُذَهُ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَرْسَلَ إِلَى نُوحٍ يُحَذِّرُهُ مِنْ أَبِي عَلِيٍّ وَيَعِدُهُ الْمُسَاعَدَةَ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ يَعِدُهُ بِإِنْفَاذِ الْعَسَاكِرِ نَجْدَةً لَهُ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِسُرْعَةِ اللِّقَاءِ، وَإِنَّ نُوحًا (سَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute