صَاحِبُ بُسْتَ وَالرُّخَّجِ، فَسَاءَ ذَلِكَ مَنْصُورًا وَأَقْلَقَهُ، وَكَانَ نُوحٌ قَدْ زَوَّجَ قَبْلَ ذَلِكَ بِنْتًا لِمَنْصُورٍ مِنْ بَعْضِ مَوَالِيهِ، اسْمُهُ فَتَكِينُ، فَقَالَ مَنْصُورٌ: يَتَزَوَّجُ الْأَمِيرُ بِابْنَةِ مَوْلَايَ، وَتُزَوَّجُ ابْنَتِي مِنْ مَوْلَاهُ؟ فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مُصَالَحَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَيْرُزَانِ وَأَعَادَ عَلَيْهِ ابْنَهُ، وَعَادَ عَنْهُ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَأَقَامَ الْحَسَنُ بِزَوْزَنَ، وَبَقِيَ وَشْمَكِيرُ بِجُرْجَانَ.
ذِكْرُ مَسِيرِ الْمَرْزُبَانِ إِلَى الرَّيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْمَرْزُبَانُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسَافِرٍ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ إِلَى الرَّيِّ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ خُرُوجُ عَسَاكِرِ خُرَاسَانَ إِلَى الرَّيِّ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُ رُكْنَ الدَّوْلَةِ عَنْهُ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ أَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَحَلَقَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ لِحْيَتَهُ، وَسَبَّهُ وَسَبَّ صَاحِبَهُ، وَكَانَ سَفِيهًا، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْزُبَانِ، وَأَخَذَ فِي جَمْعِ الْعَسَاكِرِ، وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ بَعْدُ قُوَّادِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، وَأَطْمَعَهُ فِي الرَّيِّ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ مِنَ الْقُوَّادِ يُرِيدُونَهُ، فَطَمِعَ لِذَلِكَ، فَرَاسَلَهُ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ يَعِدُ الْمُسَاعَدَةَ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِبَغْدَاذَ، فَخَالَفَهُ، ثُمَّ أَحْضَرَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَهْسُوذَانَ، وَاسْتَشَارَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَنَهَاهُ أَبُوهُ عَنْ قَصْدِ الرَّيِّ، فَلَمْ يَقْبَلْ، فَلَمَّا وَدَّعَهُ بَكَى أَبُوهُ وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَيْنَ أَطْلُبُكَ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا؟ قَالَ: إِمَّا فِي دَارِ الْإِمَارَةِ بِالرَّيِّ، وَإِمَّا بَيْنَ الْقَتْلَى.
فَلَمَّا عَرَفَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ خَبَرَهُ، كَتَبَ إِلَى أَخَوَيْهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ وَمُعِزِّ الدَّوْلَةِ يَسْتَمِدُّهُمَا، فَسَيَّرَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ أَلْفَيْ فَارِسٍ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ جَيْشًا مَعَ سُبُكْتِكِينَ التُّرْكِيِّ، وَأَنْفَذَ عَهْدًا مِنَ الْمُطِيعِ لِلَّهِ لِرُكْنِ الدَّوْلَةِ بِخُرَاسَانَ، فَلَمَّا صَارُوا بِالدِّينَوَرِ خَالَفَ الدَّيْلَمُ عَلَى سُبُكْتِكِينَ، وَكَبَسُوهُ لَيْلًا، فَرَكِبَ فَرَسَ النَّوْبَةِ وَنَجَا، وَاجْتَمَعَ الْأَتْرَاكُ عَلَيْهِ، فَعَلِمَ الدَّيْلَمُ أَنَّهُمْ لَا قُوَّةَ لَهُمْ بِهِ، فَعَادُوا إِلَيْهِ وَتَضَرَّعُوا، فَقَبِلَ عُذْرَهُمْ.
وَكَانَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ قَدْ شَرَعَ مَعَ الْمَرْزُبَانِ فِي الْمُخَادَعَةِ، وَإِعْمَالِ الْحِيلَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَتَوَاضَعُ لَهُ وَيُعَظِّمُهُ، وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ رُكْنُ الدَّوْلَةِ زَنْجَانَ، وَأَبْهَرَ، وَقَزْوِينَ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ وَصْلَهُ الْمَدَدُ مِنْ عِمَادِ الدَّوْلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute