مُعِزُّ الدَّوْلَةِ (بِذَلِكَ، فَلَمْ يُصَدِّقِ النَّاسُ) لِمَا عَلِمُوا مِنْ قُوَّةِ رُوزْبَهَانَ وَضَعْفِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ وَمَعَهُ رُوزْبَهَانُ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَسَيَّرَ سُبُكْتِكِينَ إِلَى أَبِي الْمُرَجَّى بْنِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ بِعُكْبَرَا، فَلَمْ يَلْحَقْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ، عَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَسَجَنَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ رُوزْبَهَانَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ الدَّيْلَمَ قَدْ عَزَمُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ قَهْرًا وَالْمُبَايَعَةِ لَهُ، فَأَخْرَجَهُ لَيْلًا وَغَرَّقَهُ.
وَأَمَّا أَخُو رُوزْبَهَانَ الَّذِي خَرَجَ بِشِيرَازَ، فَإِنَّ الْأُسْتَاذَ أَبَا الْفَضْلِ بْنَ الْعَمِيدِ سَارَ إِلَيْهِ فِي الْجُيُوشِ، فَقَاتَلَهُ فَظَفِرَ بِهِ، وَأَعَادَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ (بْنَ رُكْنِ الدَّوْلَةِ) إِلَى مُلْكِهِ، وَانْطَوَى خَبَرُ رُوزْبَهَانَ وَإِخْوَتِهِ، وَكَانَ قَدِ اشْتَعَلَ اشْتِعَالَ النَّارِ.
وَقَبَضَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَتَرَكَ مَنْ سِوَاهُمْ، وَاصْطَنَعَ الْأَتْرَاكَ وَقَدَّمَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِتَوْبِيخِ الدَّيْلَمِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَطْلَقَ لِلْأَتْرَاكِ إِطْلَاقَاتٍ زَائِدَةً عَلَى وَاسِطَ (وَالْبَصْرَةِ) ، فَسَارُوا لِقَبْضِهَا مُدِلِّينَ بِمَا صَنَعُوا، فَأَخْرَبُوا الْبِلَادَ وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ، وَصَارَ ضَرَرُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ نَفْعِهِمْ.
ذِكْرُ غَزْوِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الرُّومِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَجَبٍ، سَارَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ فِي جُيُوشٍ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ وَغَزَاهَا حَتَّى بَلَغَ خَرْشَنَةَ، وَصَارِخَةَ، وَفَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَسَبَى وَأَسَرَ، وَأَحْرَقَ وَخَرَّبَ، وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهِمْ، وَرَجَعَ إِلَى أُذُنَةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى جَاءَهُ رَئِيسُ طَرَسُوسَ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَادَ إِلَى حَلَبَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute