للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ، وَأَمَّا مُعِزُّ الدَّوْلَةِ فَبِأَمْرِهِ كَانَ ذَلِكَ.

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، حَكَّهُ بَعْضُ النَّاسِ، فَأَرَادَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِعَادَتَهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْوَزِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ بِأَنْ يَكْتُبَ مَكَانَ مَا مُحِيَ: لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَذْكُرُ أَحَدًا فِي اللَّعْنِ إِلَّا مُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ.

ذِكْرُ فَتْحِ طَبَرْمِينَ مِنْ صِقِلِّيَةَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتْ جُيُوشُ الْمُسْلِمِينَ بِصِقِلِّيَةَ، وَأَمِيرُهُمْ أَحْمَدُ (بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ) أَبِي الْحُسَيْنِ إِلَى قَلْعَةِ طَبَرْمِينَ مِنْ صِقِلِّيَةَ أَيْضًا، وَهِيَ بِيَدِ الرُّومِ، فَحَصَرُوهَا، وَهِيَ مِنْ أَمْنَعِ الْحُصُونِ وَأَشَدِّهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَامْتَنَعَ أَهْلُهَا، وَدَامَ الْحِصَارُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ، عَمَدُوا إِلَى الْمَاءِ الَّذِي يَدْخُلُهَا فَقَطَعُوهُ عَنْهَا، وَأَجْرُوهُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، فَلَمْ يُجَابُوا إِلَيْهِ، فَعَادُوا وَطَلَبُوا أَنْ يُؤَمَّنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ، وَيَكُونُوا رَقِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَمْوَالُهُمْ فَيْئًا، فَأُجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ، وَأُخْرِجُوا مِنَ الْبَلَدِ، وَمَلَكَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ.

وَكَانَتْ مُدَّةُ الْحِصَارِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، وَأُسْكِنَتِ الْقَلْعَةُ نَفَرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَسُمِّيَتِ الْمُعِزِّيَّةُ، نِسْبَةٌ إِلَى الْمُعِزِّ الْعَلَوِيِّ صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَسَارَ جَيْشٌ إِلَى رَمْطَةَ (مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ) ، فَحَصَرُوهَا وَضَيَّقُوا عَلَيْهَا، فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، أَرْسَلَ الْأَمِيرُ مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ، صَاحِبُ خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ إِلَى بَعْضِ قُوَّادِهِ الْكِبَارِ، وَاسْمُهُ الْفَتَكِينُ يَسْتَدْعِيهِ، فَامْتَنَعَ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ جَيْشًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>