للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَحَصَّنَ مِنْكَ فَلَمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ.

وَمَلَّكَ أَنُوشِرْوَانُ مُلُوكًا رَتَّبَهُمْ عَلَى النَّوَاحِي، فَمِنْهُمْ صَاحِبُ السَّرِيرِ، وَفِيلَانْ شَاهْ، وَاللَّكْزُ وَمَسْقَطُ وَغَيْرُهَا، وَلَمْ تَزَلْ أَرْمِينِيَّةُ بِأَيْدِي الْفُرْسِ حَتَّى ظَهَرَ الْإِسْلَامُ، فَرَفَضَ كَثِيرٌ مِنَ السَّيَاسَجِينُ حُصُونَهُمْ وَمَدَائِنَهُمْ حَتَّى خُرِّبَتْ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْخَزَرُ وَالرُّومُ، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَهِيَ كَذَلِكَ.

ذِكْرُ أَمْرِ الْفِيلِ

لَمَا دَامَ مُلْكُ أَبْرَهَةَ بِالْيَمَنِ وَتَمَكَّنَ بِهِ، بَنَى الْقُلَّيْسَ بِصَنْعَاءَ، وَهِيَ كَنِيسَةٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فِي زَمَانِهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ: إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ كَنِيسَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، وَلَسْتُ بِمُنْتَهٍ حَتَّى أَصْرِفَ إِلَيْهَا حَاجَّ الْعَرَبِ.

فَلَمَّا تَحَدَّثَتِ الْعَرَبُ بِذَلِكَ غَضِبَ رَجُلٌ مِنَ النَّسَأَةِ مِنْ بَنِي فُقَيْمٍ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهَا فَقَعَدَ فِيهَا وَتَغَوَّطَ، ثُمَّ لَحِقَ بِأَهْلِهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبْرَهَةُ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ فِعْلُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، الَّذِي تَحُجُّهُ الْعَرَبُ بِمَكَّةَ، غَضِبَ لَمَّا سَمِعَ أَنَّكَ تُرِيدُ صَرْفَ الْحُجَّاجِ عَنْهُ فَفَعَلَ هَذَا.

فَغَضِبَ أَبْرَهَةُ وَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إِلَى الْبَيْتِ فَيَهْدِمَهُ، وَأَمَرَ الْحَبَشَةَ فَتَجَهَّزَتْ، وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْفِيلِ وَاسْمُهُ مَحْمُودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>