يَزَالُ مُتَرَدِّدًا وَهُمْ يُغِيرُونَ عَلَى النَّوَاحِي، فَأَجَابَهُ إِلَى مَا الْتَمَسَهُ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْمَوْصِلِ وَدِيَارِ رَبِيعَةَ وَالرَّحْبَةِ وَمَا كَانَ فِي يَدِ أَبِيهِ بِمَالٍ قَرَّرَهُ، وَأَنْ يُطْلِقَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَسْرَى، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ، وَرَحَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَكَانَ مَعَهُ فِي سُفْرَتِهِ هَذِهِ ثَابِتُ بْنُ سِنَانَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قُرَّةَ.
ذِكْرُ حَالِ الدَّاعِي الْعَلَوِيِّ
كَانَ قَدْ هَرَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الدَّاعِي مِنْ بَغْدَاذَ، وَهُوَ حَسَنِيٌّ مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَسَارَ نَحْوَ بِلَادِ الدَّيْلَمِ، وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ بِبَغْدَاذَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بِلَادِ الدَّيْلَمِ، اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ، فَهَرَبَ ابْنُ النَّاصِرِ الْعَلَوِيُّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَتَلَقَّبَ ابْنُ الدَّاعِي بِالْمَهْدِيِّ لِدِينِ اللَّهِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَأَوقَعَ بِقَائِدٍ كَبِيرٍ مِنْ قُوَّادِ وَشْمَكِيرَ فَهَزَمَهُ.
ذِكْرُ حَصْرِ الرُّومِ طَرَسُوسَ وَالْمَصِّيصَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا نَزَلَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَى طَرَسُوسَ وَحَصَرَهَا، وَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِهَا حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ سَقَطَ فِي بَعْضِهَا الدُّمُسْتُقُ بْنُ الشَّمَشْقِيقِ إِلَى الْأَرْضِ، وَكَادَ يُؤْسَرُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ الرُّومُ وَخَلَّصُوهُ، وَأَسَرَ أَهْلُ طَرَسُوسَ بِطْرِيقًا كَبِيرًا مِنْ بَطَارِقَةِ الرُّومِ، وَرَحَلَ الرُّومُ عَنْهُمْ، وَتَرَكُوا عَسْكَرًا عَلَى الْمَصِّيصَةِ مَعَ الدُّمُسْتُقِ، فَحَصَرَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْهَا أَحَدٌ، فَاشْتَدَّ الْغَلَاءُ عَلَى الرُّومِ، وَكَانَ شَدِيدًا قَبْلَ نُزُولِهِمْ، فَلِهَذَا طَمِعُوا فِي الْبِلَادِ لِعَدَمِ الْأَقْوَاتِ عِنْدَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الرُّومُ زَادَ شِدَّةً، وَكَثُرَ الْوَبَاءُ أَيْضًا، فَمَاتَ مِنَ الرُّومِ كَثِيرٌ، فَاضْطُرُّوا إِلَى الرَّحِيلِ.
ذِكْرُ فَتْحِ رَمْطَةَ وَالْحَرْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ بِصِقِلِّيَةَ
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] فَتْحَ طَبَرْمِينَ وَحَصْرَ رَمْطَةَ وَالرُّومُ فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute