يَتَحَصَّلُ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْهَا، فَوَجَدَهُ قَلِيلًا لِسُوءِ تَدْبِيرِهِ، وَطَمَعِ النَّاسِ فِيهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالشُّرْبِ وَالنِّسَاءِ، فَكَتَبَ إِلَى رُكْنِ الدَّوْلَةِ يُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَيُشِيرُ بِأَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ بَعْضِ وِلَايَتِهِ بِمِقْدَارِ مَا يَتَحَصَّلُ (لَهُ مِنْ) هَذِهِ الْبِلَادِ وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ حَالٌ مَعَ الَّذِينَ بِهَا، وَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَالَ: لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ عَنِّي أَنِّي اسْتَجَارَ بِي إِنْسَانٌ وَطَمِعْتُ فِيهِ، وَأَمَرَ أَبَا الْفَضْلِ بِالْعَوْدِ عَنْهُ وَتَسْلِيمِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ، فَفَعَلَ وَعَادَ وَحَكَى لِرُكْنِ الدَّوْلَةِ صُورَةَ الْحَالِ، وَحَذَّرَهُ خُرُوجَ الْبِلَادِ مِنْ يَدِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَهُ، حَتَّى أُخِذَ إِبْرَاهِيمُ وَحُبِسَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ خُرُوجِ الرُّومِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَوَّالٍ، خَرَجَتِ الرُّومُ، فَقَصَدُوا مَدِينَةَ آمِدَ، وَنَزَلُوا عَلَيْهَا، وَحَصَرُوهَا وَقَاتَلُوا أَهْلَهَا، فَقُتِلَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ، وَأُسِرَ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ أَسِيرٍ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ فَتْحُهَا، فَانْصَرَفُوا إِلَى دَارَا، وَقَرُبُوا مِنْ نَصِيبِينَ، (وَلَقِيَهُمْ قَافِلَةٌ وَارِدَةٌ مِنْ مَيَّافَارِقِينَ، فَأَخَذُوهَا، وَهَرَبَ النَّاسُ مِنْ نَصِيبِينَ) خَوْفًا مِنْهُمْ، حَتَّى بَلَغَتْ أُجْرَةُ الدَّابَّةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ.
وَرَاسَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ الْأَعْرَابَ لِيَهْرَبَ مَعَهُمْ، وَكَانَ فِي نَصِيبِينَ، فَاتَّفَقَ أَنَّ الرُّومَ عَادُوا قَبْلَ هَرَبِهِ، فَأَقَامَ بِمَكَانِهِ، وَسَارُوا مِنْ دِيَارِ الْجَزِيرَةِ إِلَى الشَّامِ، فَنَازَلُوا أَنْطَاكِيَةَ، فَأَقَامُوا عَلَيْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً يُقَاتِلُونَ أَهْلَهَا، فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ فَتْحُهَا، فَخَرَّبُوا بَلَدَهَا وَنَهَبُوهُ، وَعَادُوا إِلَى طَرَسُوسَ.
ذِكْرُ مَا جَرَى لِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ
قَدْ ذَكَرْنَا انْحِدَارَ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ إِلَى وَاسِطَ لِأَجْلِ قَصْدِ وِلَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ بِالْبَطَائِحِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى وَاسِطَ أَنْفَذَ الْجَيْشَ مَعَ أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَسَنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute