مِنْ صَاحِبِ خُرَاسَانَ، فَإِنَّهُمْ كَانَ بَيْنَهُمْ مُوَاعَدَةٌ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ.
ثُمَّ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا وَقَصَدُوا الْبَلَدَ لِيَمْلِكُوهُ، فَخَرَجَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ إِلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ، وَأَمَرَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَسِيرُوا إِلَى مَكَانٍ يَرَاهُمْ، ثُمَّ يُثِيرُوا غَبَرَةً شَدِيدَةً، وَيُرْسِلُوا إِلَيْهِ مَنْ يُخْبِرُهُ أَنَّ الْجُيُوشَ قَدْ أَتَتْهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ.
وَكَانَ أَصْحَابُهُ قَدْ خَافُوا لِقِلَّتِهِمْ، وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ، فَلَمَّا رَأَوُا الْغَبَرَةَ وَأَتَاهُمْ مَنْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ أَصْحَابَهُ لَحِقُوهُمْ قَوِيَتْ نُفُوسُهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ: احْمِلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ لَعَلَّنَا نَظْفَرُ بِهِمْ قَبْلَ وُصُولِ أَصْحَابِنَا، فَيَكُونُ الظَّفَرُ وَالْغَنِيمَةُ لَنَا، فَكَبَّرُوا، وَحَمَلُوا حَمْلَةً صَادِقَةً، فَكَانَ لَهُمُ الظَّفَرُ، وَانْهَزَمَ الْخُرَاسَانِيَّةُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأُسِرَ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، وَتَفَرَّقَ الْبَاقُونَ، فَطَلَبُوا الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ.
وَكَانَ قَدْ دَخَلَ الْبَلَدَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يُكَبِّرُونَ كَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ، وَيَقْتُلُونَ كُلَّ مَنْ رَأَوْهُ بِزِيِّ الدَّيْلَمِ، وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ رَافِضَةٌ، فَبَلَغَهُمْ خَبَرُ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِمْ، وَقَصْدِهِمُ الدَّيْلَمَ لِيَقْتُلُوهُمْ، فَمَنَعَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ وَأَمَّنَهُمْ، وَفَتَحَ لَهُمُ الطَّرِيقَ لِيَعُودُوا، وَوَصَلَ بَعْدَهُمْ نَحْوُ أَلْفَيْ رَجُلٍ بِالْعُدَّةِ وَالسِّلَاحِ، فَقَاتَلَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ، فَهَزَمَهُمْ وَقَتَّلَ فِيهِمْ، ثُمَّ أَطْلَقَ الْأَسَارَى، وَأَمَرَ لَهُمْ بِنَفَقَاتٍ، وَرَدَّهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ عِنْدَ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَأَثَّرَ فِيهِمْ آثَارًا حَسَنَةً.
ذِكْرُ عَوْدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَرْزُبَانِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ رُكْنَ الدَّوْلَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، جَهَّزَ الْعَسَاكِرَ مَعَهُ، وَسَيَّرَ مَعَهُ الْأُسْتَاذَ أَبَا الْفَضْلِ بْنَ الْعَمِيدِ لِيَرُدَّهُ إِلَى وِلَايَتِهِ، وَيُصْلِحَ لَهُ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ، فَسَارَ مَعَهُ إِلَيْهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُ جَسْتَانَ بْنَ شَرْمَزَنَ، وَقَادَهُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَغَيْرِهِ مِنْ طَوَائِفِ الْأَكْرَادِ، وَمَكَّنَهُ مِنَ الْبِلَادِ.
وَكَانَ ابْنُ الْعَمِيدِ لَمَّا وَصَلَ إِلَى تِلْكَ الْبِلَادِ رَأَى كَثْرَةَ دَخْلِهَا، وَسَعَةَ مِيَاهِهَا وَرَأَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute