وَلَئِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّهُ
أَمْرٌ تُتِمُّ بِهِ فِعَالَكْ ... أَنْتَ الَّذِي إِنْ جَاءَ بَا
غٍ نَرْتَجِيكَ لَهُ كَذَلِكْ ... وَلَّوْا وَلَمْ يَحْوُوا سِوَى
خِزْيٍ وَتُهْلِكُهُمْ هُنَالِكْ ... لَمْ أَسْتَمِعْ يَوْمًا بِأَرْجَسَ
مِنْهُمُ يَبْغُوا قِتَالَكْ ... جَرُّوا جُمُوعَ بِلَادِهِمْ
وَالْفِيلَ كَيْ يَسْبُوا عِيَالَكْ ... عَمَدُوا حِمَاكَ بِكَيْدِهِمْ
جَهْلًا وَمَا رَقَبُوا جَلَالَكْ
ثُمَّ أَرْسَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَلْقَةَ بَابِ الْكَعْبَةِ، وَانْطَلَقَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى شَعَفِ الْجِبَالِ، فَتَحَرَّزُوا بِهَا يَنْتَظِرُونَ مَا يَفْعَلُ أَبْرَهَةُ بِمَكَّةَ إِذَا دَخَلَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبْرَهَةُ تَهَيَّأَ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَهَيَّأَ فِيلَهُ، وَكَانَ اسْمُهُ مَحْمُودًا، وَأَبْرَهَةُ مُجْمِعٌ لِهَدْمِ الْبَيْتِ وَالْعَوْدِ إِلَى الْيَمَنِ، فَلَمَّا وَجَّهُوا الْفِيلَ أَقْبَلَ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيُّ فَمَسَكَ بِأُذُنِهِ وَقَالَ: ارْجِعْ مَحْمُودُ، ارْجِعْ رَاشِدًا مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَإِنَّكَ فِي بَلَدِ اللَّهِ الْحَرَامِ! ثُمَّ أَرْسَلَ أُذُنَهُ، فَأَلْقَى الْفِيلُ نَفْسَهُ إِلَى الْأَرْضِ وَاشْتَدَّ نُفَيْلٌ فَصَعِدَ الْجَبَلَ، فَضَرَبُوا الْفِيلَ، فَأَبَى، فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَامَ يُهَرْوِلُ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى الشَّامِ فَفَعَلَ كَذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى مَكَّةَ فَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ.
وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ مِنَ الْبَحْرِ، أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ، مَعَ كُلِّ طَيْرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ تَحْمِلُهَا، حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، فَقَذَفَتْهُمْ بِهَا وَهِيَ مِثْلُ الْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ لَا تُصِيبُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا هَلَكَ، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ أَصَابَتْ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ سَيْلًا أَلْقَاهُمْ فِي الْبَحْرِ وَخَرَجَ مَنْ سَلِمَ مَعَ أَبْرَهَةَ هَارِبًا يَبْتَدِرُونَ الطَّرِيقَ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ وَيَسْأَلُونَ عَنْ نُفَيْلِ بْنِ حَبِيبٍ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ نُفَيْلٌ حِينَ رَأَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ مِنْ نِقْمَتِهِ:
أَيْنَ الْمَفَرُّ وَالْإِلَهُ الطَّالِبْ ... وَالْأَشْرَمُ الْمَغْلُوبُ غَيْرُ الْغَالِبْ
وَقَالَ أَيْضًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute