للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا حُيِّيتَ عَنَّا يَا رُدَيْنَا ... نَعِمْنَاكُمْ مِعَ الْإِصْبَاحِ عَيْنَا

أَتَانَا قَابِسٌ مِنْكُمْ عِشَاءً ... فَلَمْ يُقْدَرْ لِقَابِسِكُمْ لَدَيْنَا

رُدَيْنَةُ لَوْ رَأَيْتِ وَلَمْ تَرَيْهِ ... لَدَى جَنْبِ الْمُحَصَّبِ مَا رَأَيْنَا

إِذًا لَعَذَرْتِنِي وَحَمِدْتِ رَأْيِي ... وَلَمْ تَأْسَيْ لِمَا قَدْ فَاتَ بَيْنَا

حَمِدْتُ اللَّهَ إِذْ عَايَنْتُ طَيْرًا ... وَخِفْتُ حِجَارَةً تُلْقَى عَلَيْنَا

وَكُلُّ الْقَوْمِ يَسْأَلُ عَنْ نُفَيْلٍ ... كَأَنَّ عَلَيَّ لِلْحُبْشَانِ دَيْنَا

وَأُصِيبَ أَبْرَهَةُ فِي جَسَدِهِ فَسَقَطَتْ أَعْضَاؤُهُ عُضْوًا عُضْوًا، حَتَّى قَدِمُوا بِهِ صَنْعَاءَ وَهُوَ مِثْلُ الْفَرْخِ، فَمَا مَاتَ حَتَّى انْصَدَعَ صَدْرُهُ عَنْ قَلْبِهِ.

فَلَمَّا هَلَكَ مَلَكَ ابْنُهُ يَكْسُومُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَذَلَّتْ حِمْيَرُ وَالْيَمَنُ لَهُ، وَنَكَحَتِ الْحَبَشَةُ نِسَاءَهُمْ وَقَتَلُوا رِجَالَهُمْ وَاتَّخَذُوا أَبْنَاءَهُمْ تَرَاجِمَةً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَرَبِ.

وَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ الْحَبَشَةَ، وَعَادَ مَلِكُهُمْ وَمَعَهُ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ، وَنَزَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْغَدِ إِلَيْهِمْ لِيَنْظُرَ مَا يَصْنَعُونَ وَمَعَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ لَمْ يَسْمَعَا حِسًّا، فَدَخَلَا مُعَسْكَرَهُمْ فَرَأَيَا الْقَوْمَ هَلْكَى، فَاحْتَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حُفْرَتَيْنِ مَلْأَهُمَا ذَهَبًا وَجَوْهَرًا لَهُ وَلِأَبِي مَسْعُودٍ وَنَادَى فِي النَّاسِ، فَتَرَاجَعُوا فَأَصَابُوا مِنْ فَضْلِهِمَا شَيْئًا كَثِيرًا، فَبَقِيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي غِنًى مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ حَتَّى مَاتَ.

وَبَعَثَ اللَّهُ السَّيْلَ فَأَلْقَى الْحَبَشَةَ فِي الْبَحْرِ، وَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ الْحَبَشَةَ عَنِ الْكَعْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>