للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ حَصْرِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَوَّالٍ، انْحَدَرَ بَخْتِيَارُ إِلَى مُحَاصَرَةِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ، فَأَقَامَ بِوَاسِطَ يَتَصَيَّدُ شَهْرًا، ثُمَّ أَمَرَ وَزِيرَهُ أَبَا الْفَضْلِ أَنْ يَنْحَدِرَ إِلَى الْجَامِدَةِ، وَطُفُوفِ الْبَطِيحَةِ، وَبَنَى أَمْرَهُ عَلَى أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَ الْأَنْهَارِ وَمَجَارِيَ الْمِيَاهِ إِلَى الْبَطِيحَةِ، وَيَرُدَّهَا إِلَى دِجْلَةَ وَالْفَارُوثَ، وَرَبْعَ طَيْرٍ، فَبَنَى الْمَسْنِيَّاتِ الَّتِي يُمْكِنُ السُّلُوكُ عَلَيْهَا إِلَى الْعِرَاقِ، فَطَالَتِ الْأَيَّامُ، وَزَادَتْ دِجْلَةُ فَخَرَّبَتْ مَا عَمِلُوهُ.

وَانْتَقَلَ عِمْرَانُ إِلَى مَعْقِلٍ آخَرَ مِنْ مَعَاقِلِ الْبَطِيحَةِ وَنَقَلَ كُلَّ مَالِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا نَقَصَتِ الْمِيَاهُ، وَاسْتَقَامَتِ الطُّرُقُ، وَجَدُوا مَكَانَ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَارِغًا، فَطَالَتِ الْأَيَّامُ، وَضَجِرَ النَّاسُ مِنَ الْمُقَامِ، وَكَرِهُوا تِلْكَ الْأَرْضَ مِنَ الْحَرِّ، وَالْبَقِّ، وَالضَّفَادِعِ، وَانْقِطَاعِ الْمَوَادِّ الَّتِي أَلِفُوهَا، وَشَغَبَ الْجُنْدُ عَلَى الْوَزِيرِ، وَشَتَمُوهُ، وَأَبَوْا أَنْ يُقِيمُوا، فَاضْطُرَّ بَخْيِتَارُ إِلَى مُصَالَحَةِ عِمْرَانَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ.

وَكَانَ عِمْرَانُ قَدْ خَافَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَبَذَلَ لَهُ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا رَأَى اضْطَرَابَ أَمْرِ بَخْتِيَارَ بَذَلَ أَلْفَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي نُجُومٍ، وَلَمْ يُسَلِّمْ إِلَيْهِمْ رَهَائِنَ، وَلَا حَلَفَ لَهُمْ عَلَى تَأْدِيَةِ الْمَالِ، وَلَمَّا رَحَلَ الْعَسْكَرُ تَخَطَّفَ عِمْرَانُ أَطْرَافَ النَّاسِ فَغَنِمَ مِنْهُمْ، وَفَسَدَ عَسْكَرُ بَخْتِيَارَ، وَزَالَتْ عَنْهُمُ الطَّاعَةُ وَالْهَيْبَةُ، وَوَصَلَ بَخْتِيَارُ إِلَى بَغْدَاذَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، اصْطَلَحَ قَرْغَوَيْهِ، غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَأَبُو الْمَعَالِي بْنُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَخُطِبَ لِأَبِي الْمَعَالِي بِحَلَبَ، وَكَانَ بِحِمْصَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>