مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْمُجِيدِينَ إِلَّا أَنَّهُ غَالَى فِي مَدْحِ الْمُعِزِّ حَتَّى كَفَّرَهُ الْعُلَمَاءُ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
مَا شِئْتَ لَا مَا شَاءَتِ الْأَقْدَارُ ... فَاحْكُمْ فَأَنْتَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
وَقَوْلُهُ: ()
وَلَطَالَ مَا زَاحَمْتُ حَوْلَ رِكَابِهِ جِبْرِيلَا
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي دِيوَانِهِ قَوْلُهُ:
حَلَّ بِرِقَّادَةَ الْمَسِيحُ ... حَلَّ بِهَا آدَمُ وَنُوحُ
حَلَّ بِهَا اللَّهُ ذُو الْمَعَالِي ... فَكُلُّ شَىْءٍ سِوَاهُ رِيحُ
وَرِقَّادَةُ اسْمُ مَدِينَةٍ بِالْقُرْبِ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ مَنْ يَتَعَصَّبُ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ جَازَ حَدَّ الْمَدِيحِ.
ثُمَّ سَارَ الْمُعِزُّ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَوَاخِرَ شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ، وَأَتَاهُ أَهْلُ مِصْرَ وَأَعْيَانُهَا، فَلَقِيَهُمْ، وَأَكْرَمَهُمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَسَارَ فَدَخَلَ الْقَاهِرَةَ خَامِسَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَنْزَلَ عَسَاكِرَهُ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةَ فِي الدِّيَارِ، وَبَقِيَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي الْخِيَامِ.
وَأَمَّا يُوسُفُ بُلُكِّينُ فَإِنَّهُ لَمَّا عَادَ مِنْ وَدَاعِ الْمُعِزِّ أَقَامَ بِالْمَنْصُورِيَّةِ يَعْقِدُ الْوِلَايَاتِ لِلْعُمَّالِ عَلَى الْبِلَادِ، ثُمَّ سَارَ فِي الْبِلَادِ، وَبَاشَرَ الْأَعْمَالَ، وَطَيَّبَ قُلُوبَ النَّاسِ، فَوَثَبَ أَهْلُ بَاغَايَةَ عَلَى عَامِلِهِ فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ يُوسُفُ جَيْشًا فَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute