قَتَلَهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ الْيَمَنَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ، وَكَتَبَ إِلَى كِسْرَى يُخْبِرُهُ، فَأَقَرَّهُ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ، فَكَانَ يَجْبِيهَا لِكِسْرَى حَتَّى هَلَكَ، وَأَمَّرَ بَعْدَهُ كِسْرَى ابْنَهُ الْمَرْزُبَانَ بْنَ وَهْرِزَ حَتَّى هَلَكَ، ثُمَّ أَمَّرَ بَعْدَهُ كِسْرَى التَّيْنَجَانَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ، ثُمَّ أَمَّرَ بَعْدَهُ خَرَّ خِسْرَهْ بْنَ التَّيْنَجَانِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ.
ثُمَّ إِنَّ كِسْرَى أَبْرَوِيزَ غَضِبَ عَلَيْهِ فَأَحْضَرَهُ مِنَ الْيَمَنِ، فَلَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ فَأَلْقَى عَلَيْهِ سَيْفًا كَانَ لِأَبِي كِسْرَى، فَأَجَارَهُ كِسْرَى بِذَلِكَ مِنَ الْقَتْلِ وَعَزَلَهُ عَنِ الْيَمَنِ، وَبَعَثَ بَاذَانَ إِلَى الْيَمَنِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ: إِنَّ أَنُوشِرْوَانَ اسْتَعْمَلَ بَعْدَ وَهْرِزَ زَرِينَ، وَكَانَ مُسْرِفًا، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ قَتَلَ قَتِيلًا ثُمَّ سَارَ بَيْنَ أَوْصَالِهِ، فَمَاتَ أَنُوشِرْوَانُ وَهُوَ عَلَى الْيَمَنِ، فَعَزَلَهُ ابْنُهُ هُرْمُزُ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وُلَاةِ الْيَمَنِ لِلْأَكَاسِرَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةً.
ذِكْرُ مَا أَحْدَثَهُ قُرَيْشٌ بَعْدَ الْفِيلِ
لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ أَصْحَابِ الْفِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَظُمَتْ قُرَيْشٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَقَالُوا لَهُمْ: أَهْلُ اللَّهِ وَقَطَنُهُ يُحَامِي عَنْهُمْ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهَا وَقَالُوا: نَحْنُ بَنُو إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَهْلُ الْحَرَمِ وَوُلَاةُ الْبَيْتِ وَقَاطِنُو مَكَّةَ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُ مَنْزِلَتِنَا، وَلَا يَعْرِفُ الْعَرَبُ لِأَحَدٍ مِثْلَ مَا يُعْرَفُ لَنَا، فَهَلُمُّوا فَلْنَتَّفِقْ عَلَى ائْتِلَافٍ أَنَّنَا لَا نُعَظِّمُ شَيْئًا مِنَ الْحِلِّ كَمَا يُعَظَّمُ الْحَرَمُ، فَإِنَّنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ اسْتَخَفَّتِ الْعَرَبُ بِنَا وَبِحَرَمِنَا وَقَالُوا: قَدْ عَظَّمَتْ قُرَيْشٌ مِنَ الْحِلِّ مِثْلَ مَا عَظَّمَتْ مِنَ الْحَرَمِ، فَتَرَكُوا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَالْإِفَاضَةَ مِنْهَا، وَهُمْ يَعْرِفُونَ وَيُقِرُّونَ أَنَّهَا مِنَ الْمَشَاعِرِ وَالْحَجِّ وَدِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَيَرَوْنَ لِسَائِرِ الْعَرَبِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute