كَأَنَّكَ قَائِمٌ فِيهِمْ خَطِيبًا
،
وَكُلُّهُمْ قِيَامٌ لِلصَّلَاةِ
مَدَدْتَ يَدَيْكَ نَحْوَهُمُ اقْتِفَاءً
،
كَمَدِّهِمَا إِلَيْهِمْ فِي الْهِبَاتِ ... وَلَمَّا ضَاقَ بَطْنُ الْأَرْضِ عَنْ أَنْ
يَضُمَّ عُلَاكَ مِنْ بَعْدِ الْمَمَاتِ ... أَصَارُوا الْجَوَّ قَبْرَكَ، وَاسْتَنَابُوا
عَنِ الْأَكْفَانِ ثَوْبَ السَّافِيَاتِ ... لِعُظْمِكَ فِي النُّفُوسِ تَبِيتُ تُرْعَى
بِحُرَّاسٍ وَحُفَّاظٍ ثِقَاتِ ... وَتُشْعَلُ عِنْدَكَ النِّيرَانُ لَيْلًا
كَذَلِكَ كُنْتَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ ... وَلَمْ أَرَ قَبْلَ جِذْعِكَ قَطُّ جِذْعًا
تَمَكَّنَ مِنْ عِنَاقِ الْمَكْرُمَاتِ ... رَكِبْتَ مَطِيَّةً مِنْ قَبْلُ زَيْدٌ
عَلَاهَا فِي السِّنِينَ الذَّاهِبَاتِ
وَهِيَ كَثِيرَةٌ، قَوْلُهُ: زَيْدٌ عَلَاهَا يَعْنِي: زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمَّا قُتِلَ وَصُلِبَ أَيَّامَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ ذُكِرَ، وَبَقِيَ ابْنُ بَقِيَّةَ مَصْلُوبًا إِلَى أَيَّامِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ فَأُنْزِلَ مِنْ جِذْعِهِ وَدُفِنَ.
ذِكْرُ قَتْلِ بَخْتِيَارَ
لَمَّا سَارَ بَخْتِيَارُ عَنْ بَغْدَاذَ عَزَمَ قَصْدَ الشَّامِ وَمَعَهُ ابْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ ابْنِ حَمْدَانَ، فَلَمَّا صَارَ بَخْتِيَارُ بِعُكْبَرَا حَسَّنَ لَهُ حَمْدَانُ قَصْدَ الْمَوْصِلِ، (وَكَثْرَةَ أَمْوَالِهَا) ، وَأَطْمَعَهُ فِيهَا، وَقَالَ إِنَّهَا خَيْرٌ مِنَ الشَّامِ وَأَسْهَلُ.
فَسَارَ بَخْتِيَارُ نَحْوَ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ قَدْ حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ وِلَايَةَ أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ لِمَوَدَّةٍ وَمُكَاتَبَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، فَنَكَثَ وَقَصَدَهَا، فَلَمَّا صَارَ إِلَى تَكْرِيتَ أَتَتْهُ