وَفِيهَا سَيَّرَ الْعَزِيزُ بِاللَّهِ الْعَلَوِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ لَهُ بِمَكَّةَ، وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى الْمَوْسِمِ بَادِيسَ بْنَ زِيرِي أَخَا يُوسُفَ بُلُكِّينَ، خَلِيفَتُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ أَتَاهُ اللُّصُوصُ بِهَا فَقَالُوا لَهُ: نَتَقَبَّلُ مِنْكَ الْمَوْسِمَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَا تَتَعَرَّضُ لَنَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَفْعَلُ ذَلِكَ، اجْمَعُوا إِلَيَّ أَصْحَابَكُمْ حَتَّى يَكُونَ الْعَقْدُ مَعَ جَمِيعِكُمْ، فَاجْتَمَعُوا فَكَانُوا نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَقَالَ: هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ (فَحَلَفُوا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ) ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ كُلَّهُمْ.
وَفِيهَا زَادَتْ دِجْلَةُ زِيَادَةً عَظِيمَةً، وَغَرَّقَتْ كَثِيرًا مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِبَغْدَاذَ، وَغَرَّقَتْ أَيْضًا مَقَابِرَ بِبَابِ التِّبْنِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْهَا، وَبَلَغَتِ السَّفِينَةُ أُجْرَةً وَافِرَةً، وَأَشْرَفَتِ النَّاسُ عَلَى الْهَلَاكِ، ثُمَّ نَقَصَ الْمَاءُ فَأَمِنُوا.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قُرَيْعَةَ، وَلَهُ نَوَادِرُ مَجْمُوعَةٌ، وَعُمْرُهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً.
وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ بِالرَّيِّ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِهَا وَبِمَا تَحْتَ حُكْمِ مُؤَيَّدِ الدَّوْلَةِ مِنَ الْبِلَادِ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَيَرِدُ فِي تَرَاجِمِ تَصَانِيفِهِ: قَاضِي الْقُضَاةِ، وَيَعْنِي بِهِ قَاضِيَ قُضَاةِ أَعْمَالِ الرَّيِّ، وَبَعْضُ مَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ يَظُنُّهُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute