للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّفْحَ، فَأَحْسَنَ جَوَابَ الرُّسُلِ، وَبَذَلَ لَهُ إِقْطَاعًا يُرْضِيهِ، عَلَى أَنْ يَطَأَ بِسَاطَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَبُو تَغْلِبَ إِلَى ذَلِكَ، (وَسَارَ إِلَى الشَّامِ، إِلَى الْعَزِيزِ بِاللَّهِ صَاحِبِ مِصْرَ) .

ذِكْرُ فَتْحِ دِيَارِ مُضَرَ عَلَى يَدِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ

كَانَ مُتَوَلِّي دِيَارِ مُضَرَ لِأَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ سَلَامَةَ الْبَرْقَعِيدِيَّ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ سَعْدُ الدَّوْلَةِ بْنُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ مِنْ حَلَبَ جَيْشًا، فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ، وَكَانَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ قَدْ كَاتَبَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ، وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ، فَأَنْفَذَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ النَّقِيبَ أَبَا أَحْمَدَ، وَالِدَ الرَّضِيِّ، إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي بِيَدِ سَلَامَةَ، فَتَسَلَّمَهَا بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدَةٍ، وَدَخَلَ أَهْلُهَا فِي الطَّاعَةِ، فَأَخَذَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ لِنَفْسِهِ الرَّقَّةَ حَسْبُ، وَرَدَّ بَاقِيَهَا إِلَى سَعْدِ الدَّوْلَةِ فَصَارَتْ لَهُ.

ثُمَّ اسْتَوْلَى عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَلَى الرُّحْبَةِ، وَتَفَرَّغَ بَعْدَ ذَلِكَ لِفَتْحِ قِلَاعِهِ وَحُصُونِهِ، وَهِيَ قَلْعَةُ كَوَاشَى، وَكَانَ فِيهَا خَزَائِنُهُ وَأَمْوَالُهُ، وَقَلْعَةُ هَرُورَ وَالْمَلَاسِي وَبُرْقَى وَالشِّعْبَانِيُّ وَغَيْرُهَا مِنَ الْحُصُونِ، فَلَمَّا اسْتَوْلَى عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ أَبِي تَغْلِبَ اسْتَخْلَفَ أَبَا الْوَفَاءِ عَلَى الْمَوْصِلِ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ فِي سَلْخِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَقِيَهُ الطَّائِعُ لِلَّهِ، وَجَمْعٌ مِنَ الْجُنْدِ وَغَيْرُهُمْ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ قَسَّامٍ دِمَشْقَ

لَمَّا فَارَقَ الْفَتْكِينُ دِمَشْقَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، تَقَدَّمَ عَلَى أَهْلِهَا قَسَّامٌ، وَكَانَ سَبَبُ تَقَدُّمِ قَسَّامٍ أَنَّ الْفَتْكِينَ قَرَّبَهُ وَوَثِقَ إِلَيْهِ، وَعَوَّلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِ عَلَيْهِ، فَعَلَا ذِكْرُهُ وَصِيتُهُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ مِنَ الْأَحْدَاثِ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ وَحَكَمَ فِيهِ.

وَكَانَ الْقَائِدُ أَبُو مَحْمُودٍ قَدْ عَادَ إِلَى الْبَلَدِ عَلَيْهِ وَالِيًا عَلَيْهِ لِلْعَزِيزِ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَعَ قَسَّامٍ أَمْرٌ، وَكَانَ لَا حُكْمَ لَهُ، وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُ قَسَّامٍ عَلَى دِمَشْقَ نَافِذًا، وَهُوَ يَدْعُو لِلْعَزِيزِ بِاللَّهِ الْعَلَوِيِّ. وَوَصَلَ إِلَيْهِ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ حَمْدَانَ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، مُنْهَزِمًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَمَنَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>