وَكَانَ الْمُطَهِّرُ إِذَا سَدَّ جَانِبًا انْفَتَحَتْ عِدَّةُ جَوَانِبَ، ثُمَّ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَسَنِ وَقْعَةٌ فِي الْمَاءِ فَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ، وَكَانَ الْمُطَهِّرُ سَرِيعًا قَدْ أَلِفَ الْمُنَاجَزَةَ، وَلَمْ يَأْلَفْ فِي الْمُصَابَرَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَكَانَ مَعَهُ فِي عَسْكَرِهِ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَلَوِيُّ الْكُوفِيُّ، فَاتَّهَمَهُ بِمُرَاسَلَةِ الْحَسَنِ، وَإِطْلَاعِهِ عَلَى أَسْرَارِهِ، وَخَافَ الْمُطَهِّرُ أَنْ تَنْقُصَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَيَشْمَتَ بِهِ أَعْدَاؤُهُ، كَأَبِي الْوَفَاءِ وَغَيْرِهِ، فَعَزَمَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، فَأَخَذَ سِكِّينًا وَقَطَعَ شَرَايِينَ ذِرَاعِهِ، فَخَرَجَ الدَّمُ مِنْهُ، فَدَخَلَ فَرَّاشٌ لَهُ، فَرَأَى الدَّمَ فَصَاحَ، فَدَخَلَ النَّاسُ فَرَأَوْهُ، وَظَنُّوا أَنَّ أَحَدًا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَتَكَلَّمَ، وَكَانَ بِآخِرِ رَمَقٍ، وَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ أَحْوَجَنِي إِلَى هَذَا، ثُمَّ مَاتَ وَحُمِلَ إِلَى بَلَدِهِ كَازَرُونَ، فَدُفِنَ فِيهَا.
وَأَرْسَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مَنْ حَفَظَ الْعَسْكَرَ، وَصَالَحَ الْحَسَنَ بْنَ عِمْرَانَ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ، وَأَخَذَ رَهَائِنَهُ، وَانْفَرَدَ نَصْرُ بْنُ هَارُونَ بِوِزَارَةِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِفَارِسَ فَاسْتَخْلَفَ لَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بِحَضْرَتِهِ أَبَا الرَّيَّانِ حَمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ بَنِي شَيْبَانَ وَعَسْكَرِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، سَيَّرَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ جَيْشًا إِلَى بَنِي شَيْبَانَ، وَكَانُوا قَدْ أَكْثَرُوا الْغَارَاتِ عَلَى الْبِلَادِ وَالْفَسَادَ، وَعَجَزَ الْمُلُوكُ عَنْ طَلَبِهِمْ، وَكَانُوا قَدْ عَقَدُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَكْرَادِ شَهْرَزُورَ مُصَاهِرَاتٍ، وَكَانَتْ شَهْرَزُورُ مُمْتَنِعَةً عَلَى الْمُلُوكِ، فَأَمَرَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَسْكَرَهُ بِمُنَازَلَةِ شَهْرَزُورَ لِيَنْقَطِعَ طَمَعُ بَنِي شَيْبَانَ عَنِ التَّحَصُّنِ بِهَا، فَاسْتَوْلَى أَصْحَابُهُ عَلَيْهَا وَمَلَكُوهَا، فَهَرَبَ بَنُو شَيْبَانَ، وَسَارَ الْعَسْكَرُ فِي طَلَبِهِمْ، وَأَوْقَعُوا بِهِمْ وَقِيعَةً عَظِيمَةً قُتِلَ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةِ أَسِيرٍ وَحُمِلُوا إِلَى بَغْدَاذَ.
ذِكْرُ وَصُولِ وَرْدٍ الرُّومِيِّ إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ وَمَا كَانَ مِنْهُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ وَرْدٌ الرُّومِيُّ إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ مُسْتَجِيرًا بِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْتَنْصِرُهُ عَلَى مُلُوكِ الرُّومِ، وَيَبْذُلُ لَهُ الطَّاعَةَ إِذَا مَلَكَ وَحَمْلَ الْخَرَاجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute