فَأَمَّا رِسَالَتُهُ إِلَى أَخِيهِ مُؤَيَّدِ الدَّوْلَةِ، فَيَشْكُرُهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ مُطِيعًا لَهُ غَيْرَ مُخَالِفٍ.
وَأَمَّا إِلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ، فَيُعَاتِبُهُ وَيَسْتَمِيلُهُ، وَيَذْكُرُ لَهُ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ الْحُجَّةُ.
وَأَمَّا إِلَى قَابُوسٍ، فَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِحِفْظِ الْعُهُودِ الَّتِي بَيْنَهُمَا.
فَأَجَابَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ جَوَابَ الْمُنَاظِرِ الْمُنَاوِئِ، وَنَسِيَ كِبَرَ السِّنِّ، وَسَعَةَ الْمُلْكِ وَعَهْدَ أَبِيهِ.
وَأَمَّا قَابُوسٌ فَأَجَابَ جَوَابَ الْمُرَاقِبِ. وَكَانَ الرَّسُولُ خَوَاشَادَهْ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ، فَاسْتَمَالَ أَصْحَابَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، فَضَمِنَ لَهُ الْإِقْطَاعَاتِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعُهُودَ، فَلَمَّا عَادَ الرَّسُولُ بَرَزَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنْ بَغْدَاذَ عَلَى عَزْمِ الْمَسِيرِ إِلَى الْجَبَلِ وَإِصْلَاحِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَابْتَدَأَ فَقَدَّمَ الْعَسَاكِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا، مِنْهُمْ أَبُو الْوَفَاءِ عَلَى عَسْكَرٍ، وَخَوَاشَادَهْ عَلَى عَسْكَرٍ، وَأَبُو الْفَتْحِ الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي عَسْكَرٍ، فَسَارَتْ هَذِهِ الْعَسَاكِرُ، وَأَقَامَ هُوَ بِظَاهِرِ بَغْدَاذَ.
ثُمَّ سَارَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، فَلَقِيَتْهُ الْبَشَائِرُ بِدُخُولِ جُيُوشِهِ هَمَذَانَ، وَاسْتِئْمَانِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ قُوَّادِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ وَرِجَالِ حَسْنُوَيْهِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ وَزِيرُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، (وَمَعَهُ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِهِ، فَانْحَلَّ أَمْرُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ) ، وَكَانَ بِهَمَذَانَ، فَخَافَ مِنْ أَخِيهِ، وَتَذَكَّرَ قَتْلَ ابْنِ عَمِّهِ بَخْتِيَارَ، فَخَرَجَ هَارِبًا، وَقَصَدَ بَلَدَ الدَّيْلَمِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى جُرْجَانَ، فَنَزَلَ عَلَى شَمْسِ الْمَعَالِي قَابُوسِ بْنِ وَشْمَكِيرَ، وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ فَأَمَّنَهُ وَآوَاهُ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ فَوْقَ مَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ، وَشَرَكَهُ فِيمَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مُلْكٍ وَغَيْرِهِ.
وَمَلَكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مَا كَانَ بِيَدِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ هَمَذَانَ، وَالرَّيَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبِلَادِ (وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ مُؤَيَّدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهٍ، وَجَعَلَهُ خَلِيفَتَهُ وَنَائِبَهُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ) ، وَنَزَلَ الرَّيَّ، وَاسْتَوْلَى عَلَى تِلْكَ النَّوَاحِي.
ثُمَّ عَرَجَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى وِلَايَةِ حَسْنُوَيْهِ الْكُرْدِيِّ، فَقَصَدَ نَهَاوَنْدَ، وَكَذَلِكَ الدِّينَوَرُ، وَقَلْعَةُ سَرْمَاجُ، وَأَخَذَ مَا فِيهَا مِنْ ذَخَائِرِ حَسْنُوَيْهِ، وَكَانَتْ جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ، وَمَلَكَ مَعَهَا عِدَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute