للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَةِ قَدْ كَاتَبَ بَعْضَ قُوَّادِ خُرَاسَانَ، يُسَمَّى فَائِقَ الْخَاصَّةِ، وَأَطْمَعَهُ وَرَغَّبَهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى الِانْهِزَامِ عِنْدَ اللِّقَاءِ. وَسَيَرِدُ مِنْ أَخْبَارِ فَائِقٍ هَذَا مَا يُعْرَفُ بِهِ مَحَلُّهُ مِنَ الدَّوْلَةِ.

فَلَمَّا خَرَجَ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَةِ، هَذَا الْيَوْمَ، حَمَلَ عَسْكَرَهُ عَلَى فَائِقٍ وَأَصْحَابِهِ، فَانْهَزَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ، وَثَبَتَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ، وَحُسَامُ الدَّوْلَةِ فِي الْقَلْبِ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، فَلَمَّا رَأَوْا تَلَاحُقَ النَّاسِ فِي الْهَزِيمَةِ لَحِقُوا بِهِمْ، وَغَنِمَ أَصْحَابُ مُؤَيَّدِ الدَّوْلَةِ مِنْهُمْ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَخَذُوا مِنَ الْأَقْوَاتِ شَيْئًا كَثِيرًا.

وَعَادَ حُسَامُ الدَّوْلَةِ، وَفَخْرُ الدَّوْلَةِ، وَقَابُوسٌ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَكَتَبُوا إِلَى بُخَارَى بِالْخَبَرِ، فَأَتَاهُمُ الْجَوَابُ يُمَنِّيهِمْ، وَيَعِدُهُمْ بِإِنْفَاذِ الْعَسَاكِرِ وَالْعَوْدِ إِلَى جُرْجَانَ وَالرَّيِّ، وَأَمَرَ الْأَمِيرُ نُوحٌ سَائِرَ الْعَسَاكِرِ بِالْمَسِيرِ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَأَتَوْهَا مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَاجْتَمَعَ بِظَاهِرِ نَيْسَابُورَ مِنَ الْعَسَاكِرِ أَكْثَرُ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَحُسَامُ الدَّوْلَةِ يَنْتَظِرُ تَلَاحُقَ الْأَمْدَادِ لِيَسِيرَ بِهِمْ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْوَزِيرِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْعُتْبِيِّ، فَتَفَرَّقَ ذَلِكَ الْجَمْعُ، وَبَطَلَ ذَلِكَ التَّدْبِيرُ.

وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ سِيمْجُورَ وَضَعَ جَمَاعَةً مِنَ الْمَمَالِيكِ عَلَى قَتْلِهِ، فَوَثَبُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ، فَلَمَّا قُتِلَ كَتَبَ الرَّضِيُّ نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ إِلَى حُسَامِ الدَّوْلَةِ يَسْتَدْعِيهِ إِلَى بُخَارَى لِيُدَبِّرَ دَوْلَتَهُ، وَيَجْمَعَ مَا انْتَشَرَ مِنْهَا بِقَتْلِ أَبِي الْحُسَيْنِ، فَسَارَ عَنْ نَيْسَابُورَ إِلَيْهَا، وَقَتَلَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْ قَتَلَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ، وَكَانَ قَتْلُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .

ذِكْرُ قَتْلِ الْأَمِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ أَمِيرِ صِقِلِّيَّةَ وَهَزِيمَةِ الْفِرِنْجِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، سَارَ الْأَمِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ، أَمِيرُ صِقِلِّيَّةَ، مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْجِهَادَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الْفِرِنْجِ، يُقَالُ لَهُ بَرْدَوِيلُ، خَرَجَ فِي جُمُوعٍ كَثِيرَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>