ذِكْرُ وِلَايَةِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ الْعِرَاقَ وَمُلْكِ أَخِيهِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ فَارِسَ
لَمَّا تُوُفِّيَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ اجْتَمَعَ الْقُوَّادُ وَالْأُمَرَاءُ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي كَالِيجَارَ الْمَرْزُبَانِ، فَبَايَعُوهُ وَوَلَّوْهُ الْإِمَارَةَ، وَلَقَّبُوهُ صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا وَلِيَ خَلَعَ عَلَى أَخَوَيْهِ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ، وَأَبِي طَاهِرٍ فَيْرُوزْشَاهْ، وَأَقْطَعَهُمَا فَارِسَ، وَأَمَرَهُمَا بِالْجِدِّ فِي السَّيْرِ لِيَسْبِقَا أَخَاهُمَا شَرَفَ الدَّوْلَةِ أَبَا الْفَوَارِسِ شِيرَزِيلَ إِلَى شِيرَازَ.
فَلَمَّا وَصَلَا إِلَى أَرَّجَانَ أَتَاهُمَا خَبَرُ وُصُولِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ إِلَى شِيرَازَ، فَعَادَا إِلَى الْأَهْوَازِ. وَكَانَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ بِكَرْمَانَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ وَفَاةِ أَبِيهِ سَارَ مُجِدًّا إِلَى فَارِسَ فَمَلَكَهَا، وَقَبَضَ عَلَى نَصْرِ بْنِ هَارُونَ النَّصْرَانِيِّ، وَزِيرِ أَبِيهِ، وَقَتَلَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يُسِيءُ صُحْبَتَهُ أَيَّامَ أَبِيهِ، وَأَصْلَحَ أَمْرَ الْبِلَادِ، وَأَطْلَقَ الشَّرِيفَ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْعَلَوِيَّ وَالنَّقِيبَ أَبَا أَحْمَدَ الْمُوسَوِيَّ (وَالِدَ الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ) ، وَالْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ مَعْرُوفٍ، وَأَبَا نَصْرٍ خُوَاشَاذَهْ، وَكَانَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ حَبَسَهُمْ، وَأَظْهَرَ مُشَاقَّةَ أَخِيهِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، وَقَطَعَ خُطْبَتَهُ، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ، وَتَلَقَّبَ بِتَاجِ الدَّوْلَةِ، وَفَرَّقَ الْأَمْوَالَ، وَجَمَعَ الرِّجَالَ، وَمَلَكَ الْبَصْرَةَ وَأَقْطَعَهَا أَخَاهُ أَبَا الْحُسَيْنِ، فَبَقِيَ كَذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ إِلَى أَنْ قَبَضَ عَلَيْهِ شَرَفُ الدَّوْلَةِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَلَمَّا سَمِعَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ بِمَا فَعَلَهُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ سَيَّرَ إِلَيْهِ جَيْشًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ (أَبَا الْحَسَنِ بْنَ دَبْعَشَ، حَاجِبَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَجَهَّزَ تَاجُ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ) أَبَا الْأَعَزِّ دُبَيْسَ بْنَ عَفِيفٍ الْأَسَدِيَّ، فَالْتَقَيَا بِظَاهِرِ قُرْقُوبَ، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، وَأُسِرَ دَبْعَشُ، فَاسْتَوْلَى حِينَئِذٍ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْأَهْوَازِ، وَأَخَذَ مَا فِيهَا وَفِي رَامَهُرْمُزَ، وَطَمِعَ فِي الْمُلْكِ، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute