فَقَبَّلَ الْأَرْضَ، وَقَالَ: الْأَمْرُ لَكَ فَاسْتَوْزَرَهُ وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ، وَصَدَرَ عَنْ رَأْيِهِ فِي جَلِيلِ الْأُمُورِ وَصَغِيرِهَا.
وَسُيِّرَتِ الْخِلَعُ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَالْعَهْدِ، وَاتَّفَقَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ وَصَمْصَامُ الدَّوْلَةِ فَصَارَا يَدًا وَاحِدَةً.
ذِكْرُ عَزْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ خُرَاسَانَ وَوِلَايَةِ ابْنِ سِيمْجُورَ
لَمَّا عَادَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ بُخَارَى إِلَى نَيْسَابُورَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ،، اسْتَوْزَرَ الْأَمِيرُ نُوحٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُزَيْرٍ، وَكَانَ ضِدًّا لِأَبِي الْحُسَيْنِ الْعُتْبِيِّ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْوِزَارَةَ بَدَأَ بِعَزْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ خُرَاسَانَ، وَإِعَادَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ سِيمْجُورَ إِلَيْهَا، فَكَتَبَ مَنْ بِخُرَاسَانَ مِنَ الْقُوَّادِ إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُقِرَّ أَبَا الْعَبَّاسِ عَلَى عَمَلِهِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَكَتَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ إِلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهٍ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ وَعَسْكَرٍ، فَأَقَامُوا بِنَيْسَابُورَ، وَأَتَاهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مُعَاضِدًا لَهُمْ عَلَى ابْنِ سِيمْجُورَ.
وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سِيمْجُورَ وَفَائِقٌ بِوُصُولِ عَسْكَرِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ إِلَى نَيْسَابُورَ قَصَدُوهُمْ، فَانْحَازَ عَسْكَرُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ وَابْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَقَامُوا يَنْتَظِرُونَ أَبَا الْعَبَّاسِ، وَنَزَلَ ابْنُ سِيمْجُورَ وَمَنْ مَعَهُ بِظَاهِرِ نَيْسَابُورَ، وَوَصَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِيمَنْ مَعَهُ وَاجْتَمَعَ بِعَسْكَرِ الدَّيْلَمِ، وَنَزَلَ بِالْجَانِبِ الْآخَرِ، وَجَرَى بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ عِدَّةَ أَيَّامٍ، وَتَحَصَّنَ ابْنُ سِيمْجُورَ بِالْبَلَدِ، وَأَنْفَذَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ عَسْكَرًا آخَرَ، أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ فَارِسٍ، فَلَمَّا رَأَى ابْنُ سِيمْجُورَ قُوَّةَ أَبِي الْعَبَّاسِ انْحَازَ عَنْ نَيْسَابُورَ، فَسَارَ عَنْهَا لَيْلًا، وَتَبِعَهُ عَسْكَرُ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَغَنِمُوا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، وَاسْتَوْلَى أَبُو الْعَبَّاسِ عَلَى نَيْسَابُورَ، وَرَاسَلَ الْأَمِيرَ نُوحَ بْنَ مَنْصُورٍ يَسْتَمِيلُهُ وَيَسْتَعْطِفُهُ، وَلَجَّ ابْنُ عُزَيْرٍ فِي عَزْلِهِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ وَالِدَةُ الْأَمِيرِ نُوحٍ، وَكَانَتْ تَحْكُمُ فِي دَوْلَةِ وَلَدِهَا، وَكَانُوا يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهَا، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ فِي ذَلِكَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute