للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِزِّهِمْ، فَاقْتَتَلُوا عِنْدَهَا قِتَالًا عَظِيمًا، فَانْهَزَمَتْ كُتَامَةُ، وَهَرَبَ أَبُو الْفَهْمِ إِلَى جَبَلٍ وَعْرٍ فِيهِ نَاسٌ مِنْ كُتَامَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْمَنْصُورُ يَتَهَدَّدُهُمْ إِنْ لَمْ يُسَلِّمُوهُ، فَقَالُوا: هُوَ ضَيْفُنَا وَلَا نُسَلِّمُهُ، وَلَكِنْ أَرْسِلْ أَنْتَ إِلَيْهِ فَخُذْهُ وَنَحْنُ لَا نَمْنَعُهُ. فَأَرْسَلَ فَأَخَذَهُ، وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَتَلَهُ وَسَلَخَهُ، وَأَكَلَتْ صِنْهَاجَةُ وَعَبِيدُ الْمَنْصُورِ لَحْمَهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ جَمَاعَةً مِنَ الدُّعَاةِ وَوُجُوهِ كُتَامَةَ، وَعَادَ (إِلَى أَشِيرَ) ، وَرَدَّ الرَّسُولَيْنِ إِلَى الْعَزِيزِ، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا فَعَلَ بِأَبِي الْفَهْمِ، وَقَالَا: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ شَيَاطِينَ يَأْكُلُونَ النَّاسَ. فَأَرْسَلَ الْعَزِيزُ إِلَى الْمَنْصُورِ يُطَيِّبُ قَلْبَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ هَدِيَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أَبَا الْفَهْمِ.

ذِكْرُ مُعَاوَدَةِ بَاذٍ الْقِتَالَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَجَدَّدَ لِبَاذٍ الْكُرْدِيِّ طَمَعٌ فِي بِلَادِ الْمَوْصِلِ وَغَيْرِهَا.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا الْحَاجِبَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ تُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهَا شَرَفُ الدَّوْلَةِ أَبَا نَصْرٍ خُوَاشَاذَهْ، وَجَهَّزَ إِلَيْهِ الْعَسَاكِرَ، وَكَتَبَ يَسْتَمِدُّ مِنْ شَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَسَاكِرَ وَالْأَمْوَالَ، فَتَأَخَّرَتِ الْأَمْوَالُ عَنْهُ فَأَحْضَرَ الْعَرَبَ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَأَقْطَعَهُمُ الْبِلَادَ لِيَمْنَعُوا عَنْهَا، وَانْحَدَرَ بَاذٌ فَاسْتَوْلَى عَلَى طَوْرِ عَبْدِينَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَأَرْسَلَ أَخَاهُ فِي عَسْكَرٍ، فَقَاتَلُوا الْعَرَبَ، فَقُتِلَ أَخُوهُ وَانْهَزَمَ عَسْكَرُهُ، وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ مُقَابِلَ بَعْضٍ.

فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ أَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَعَادَ خُوَاشَاذَهْ إِلَى الْمَوْصِلِ وَأَظْهَرَ مَوْتَهُ، وَأَقَامَتِ الْعَرَبُ بِالصَّحْرَاءِ تَمْنَعُ بَاذًا مِنَ النُّزُولِ إِلَيْهَا، وَبَاذٌ بِالْجَبَلِ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>