للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَجَعَ سَعِيدٌ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَنْصُورِ زَائِرًا، فَاعْتَلَّ سَعِيدٌ أَيَّامًا، وَتُوُفِّيَ أَوَّلَ رَجَبٍ. ثُمَّ قَدِمَ فُلْفُلُ بْنُ سَعِيدٍ عَلَى الْمَنْصُورِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مَالًا كَثِيرًا، فَرَدَّهُ إِلَى طُبْنَةَ وِلَايَةِ أَبِيهِ.

ذِكْرُ خِلَافِ عَمِّ الْمَنْصُورِ عَلَيْهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا خَالَفَ أَبُو الْبَهَارِ عَمُّ الْمَنْصُورِ بْنِ يُوسُفَ بُلُكِّينَ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، عَلَيْهِ لِشَيْءٍ جَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَنْصُورِ لَمْ يَحْمِلْهُ لَهُ لِعِزَّةِ نَفْسِهِ، فَسَارَ الْمَنْصُورُ إِلَيْهِ بِتَاهَرْتَ، فَفَارَقَهَا عَمُّهُ إِلَى الْغَرْبِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَدَخَلَ عَسْكَرُ الْمَنْصُورِ تَاهَرْتَ فَانْتَهَبُوهَا، ثُمَّ طَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، ثُمَّ سَارَ فِي طَلَبِ عَمِّهِ حَتَّى جَاوَزَ تَاهَرْتَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً، وَلَقِيَ الْعَسْكَرُ شِدَّةً.

وَقَصَدَ عَمُّهُ زِيرِي بْنَ عَطِيَّةَ، صَاحِبَ فَاسَ، فَأَكْرَمَهُ، وَأَعْلَى مَحَلَّهُ، وَبَقِيَ جُنْدُهُ يُغِيرُونَ عَلَى نَوَاحِي الْمَنْصُورِ.

وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَصَدُوا النَّوَاحِيَ الْمُجَاوِرَةَ لِفَاسَ، فَأَوْقَعُوا بِأَصْحَابِ الْمَنْصُورِ بِهَا وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا. ثُمَّ نَدِمَ أَبُو الْبَهَارِ، فَسَارَ إِلَى الْمَنْصُورِ مُعْتَذِرًا مِمَّا جَرَى مِنْهُ، فَقَبِلَهُ الْمَنْصُورُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْعَلَوِيِّ الْكُوفِيِّ، وَكَانَ قَدْ عَظُمَ شَأْنُهُ مَعَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَاتَّسَعَ جَاهُهُ، وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ، فَلَمَّا وَلِيَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ سَعَى بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْمُعَلِّمُ إِلَيْهِ، وَأَطْمَعَهُ فِي أَمْوَالِهِ وَمُلْكِهِ، وَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَقَبَضَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>