للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّنْ قَصَدَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَازَرُونِيُّ، وَعَنْهُ انْتَشَرَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ بِدِيَارِ بَكْرٍ، وَقَصَدَهُ الشُّعَرَاءُ وَأَكْثَرُوا مَدْحَهُ وَأَجْزَلَ جَوَائِزَهُمْ، وَبَقِيَ كَذَلِكَ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، فَتُوُفِّيَ فِيهَا وَكَانَ عُمْرُهُ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَتِ الثُّغُورُ مَعَهُ آمِنَةً، وَسِيرَتُهُ فِي رَعِيَّتِهِ أَحْسَنَ سِيرَةٍ، فَلَمَّا مَاتَ مَلَكَ بِلَادَهُ وَلَدُهُ.

ذِكْرُ مُلْكِ آلِ الْمُسَيَّبِ الْمَوْصِلَ

لَمَّا انْهَزَمَ أَبُو طَاهِرِ بْنُ حَمْدَانَ مِنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، سَارَ إِلَى نَصِيبِينَ فِي قِلَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانُوا قَدْ تَفَرَّقُوا، فَطَمِعَ فِيهِ أَبُو الذَّوَّادِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَمِيرُ بَنِي عُقَيْلٍ، وَكَانَ صَاحِبَ نَصِيبِينَ حِينَئِذٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَثَارَ بِأَبِي طَاهِرٍ، فَأَسَرَهُ وَأَسَرَ وَلَدَهُ وَعُدَّةً مِنْ قُوَّادِهِمْ، وَقَتَلَهُمْ، وَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَمَلَكَهَا وَأَعْمَالَهَا، وَكَاتَبَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ يَسْأَلُهُ أَنْ يُنْفِذَ إِلَيْهِ مَنْ يُقِيمُ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ يَتَوَلَّى الْأُمُورَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ.

وَكَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ قَدْ سَارَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الْأَهْوَازِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَقَامَ نَائِبُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا فِيمَا يُرِيدُهُ أَبُو الذَّوَّادِ، وَسَيَرِدُ مِنْ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ عَقِبِهِ مَا تَقِفُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ مَسِيرِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ إِلَى الْأَهْوَازِ وَمَا كَانَ مِنْهُ وَمِنْ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَنْ بَغْدَاذَ إِلَى خُوزِسْتَانَ عَازِمًا عَلَى قَصْدِ فَارِسَ، وَاسْتَخْلَفَ بِبَغْدَاذَ أَبَا نَصْرٍ خُوَاشَاذَهْ، وَوَصَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَدَخَلَهَا، وَسَارَ عَنْهَا إِلَى خُوزِسْتَانَ، فَأَتَاهُ نَعْيُ أَخِيهِ أَبِي طَاهِرٍ، فَجَلَسَ لِلْعَزَاءِ بِهِ، وَدَخَلَ أَرَّجَانَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَأَخَذَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، فَكَانَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمِنَ الثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَمَا لَا يُحْصَى، فَلَمَّا عَلِمَ الْجُنْدُ بِذَلِكَ شَغَبُوا شَغَبًا مُتَتَابِعًا فَأُطْلِقَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ كُلُّهَا لَهُمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلُ. ثُمَّ سَارَتْ مُقَدَّمَتُهُ وَعَلَيْهَا أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>