للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَسَاكِرَ مُتَفَرِّقِينَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ سَارَ بِهِمْ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ بَغْتَةً، فَلَا يَشْعُرُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ إِلَّا وَهُمْ مَعَهُ فِي بِلَادِهِ.

فَسَارَ أَبُو الْعَلَاءِ، وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ إِمْدَادُهُ بِالْعَسَاكِرِ، وَظَهَرَ الْخَبَرُ، فَجَهَّزَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ عَسْكَرَهُ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى خُوزِسْتَانَ، وَكَتَبَ أَبُو الْعَلَاءِ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِالْخَبَرِ وَبِطَلَبِ إِمْدَادِهِ بِالْعَسَاكِرِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ عَسْكَرًا كَثِيرًا، وَوَصَلَتْ عَسَاكِرُ فَارِسَ، فَلَقِيَهُمْ أَبُو الْعَلَاءِ، فَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَأُخِذَ أَسِيرًا وَحُمِلَ إِلَى صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، فَأُلْبِسَ ثِيَابًا مُصْبَغَةً وَطِيفَ بِهِ، وَسَأَلَتْ فِيهِ وَالِدَةُ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَاعْتَقَلَهُ.

وَلَمَّا سَمِعَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِذَلِكَ أَزْعَجَهُ وَأَقْلَقَهُ، وَكَانَتْ خِزَانَتُهُ قَدْ خَلَتْ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَأَرْسَلَ وَزِيرَهُ أَبَا نَصْرِ بْنَ سَابُورَ إِلَى وَاسِطَ لِيُحَصِّلَ مَا أَمْكَنَهُ، وَأَعْطَاهُ رُهُونًا مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْلَاقِ النَّفِيسَةِ لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهَا مِنْ مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، صَاحِبِ الْبَطِيحَةِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى وَاسِطَ تَقَرَّبَ مِنْهَا إِلَى مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، وَتَرَكَ مَا مَعَهُ مِنَ الرُّهُونِ بِحَالِهِ، وَأَرْسَلَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ وَرَهَنَهَا وَاقْتَرَضَ عَلَيْهَا.

ذِكْرُ مُلْكِ التُّرْكِ بُخَارَى

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ مَدِينَةَ بُخَارَى شِهَابُ الدَّوْلَةِ هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ أيْلَكَ الْمَعْرُوفُ بِبَغْرَاخَانَ التُّرْكِيِّ، وَكَانَ لَهُ كَاشْغَرُ وَبَلَاسَاغُونُ إِلَى حَدِّ الصِّينِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ سِيمْجُورَ لَمَّا مَاتَ وَوَلِيَ ابْنُهُ أَبُو عَلِيٍّ خُرَاسَانَ بَعْدَهُ، كَاتَبَ الْأَمِيرَ الرَّضِيَّ نُوحَ بْنَ مَنْصُورٍ يَطْلُبُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى مَا كَانَ أَبُوهُ يَتَوَلَّاهُ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْخِلَعُ، وَهُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهَا لَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّسُولُ طَرِيقَ هَرَاةَ عَدَلَ إِلَيْهَا، وَبِهَا فَائِقٌ، فَأَوْصَلَ الْخِلَعَ وَالْعَهْدَ بِخُرَاسَانَ إِلَيْهِ، فَعَلِمَ أَبُو عَلِيٍّ أَنَّهُمْ مَكَرُوا بِهِ، وَأَنَّ هَذَا دَلِيلُ سُوءٍ يُرِيدُونَهُ بِهِ، فَلَبِسَ فَائِقٌ الْخِلَعَ وَسَارَ عَنْ هَرَاةَ نَحْوَ أَبِي عَلِيٍّ فَبَلَّغَهُ الْخَبَرَ، فَسَارَ جَرِيدَةً فِي نُخْبَةِ أَصْحَابِهِ، وَطَوَى الْمَنَازِلَ حَتَّى سَبَقَ خَبَرَهُ، فَأَوْقَعَ بِفَائِقٍ فِيمَا بَيْنَ بُوشَنْجَ وَهَرَاةَ، فَهَزَمَ فَائِقًا وَأَصْحَابَهُ، وَقَصَدُوا مَرْوَ الرُّوذِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>