وَتَابَعَ نُوحٌ كُتُبَهُ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ وَرُسُلِهِ يَسْتَنْجِدُهُ وَيَخْضَعُ لَهُ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا فَائِقٌ فَإِنَّهُ اسْتَأْذَنَ بَغْرَاخَانَ فِي قَصْدِ بَلْخَ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَسَارَ نَحْوَهَا وَنَزَلَهَا.
ذِكْرُ عَوْدِ نُوحٍ إِلَى بُخَارَى وَمَوْتِ بَغْرَاخَانَ
لَمَّا نَزَلَ بَغْرَاخَانُ بُخَارَى وَأَقَامَ بِهَا اسْتَوْخَمَهَا، فَلَحِقَهُ مَرَضٌ ثَقِيلٌ، فَانْتَقَلَ عَنْهَا نَحْوَ بِلَادِ التُّرْكِ، فَلَمَّا فَارَقَهَا ثَارَ أَهْلُهَا بِسَاقَةِ عَسْكَرٍ فَفَتَكُوا بِهِمْ وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ، وَوَافَقَهُمُ الْأَتْرَاكُ الْغُزِّيَّةُ عَلَى النَّهْبِ وَالْقَتْلِ لِعَسْكَرِ بَغْرَاخَانَ.
فَلَمَّا سَارَ بَغْرَاخَانُ عَنْ بُخَارَى (أَدْرَكَهُ أَجْلُهُ فَمَاتَ، وَلَمَّا سَمِعَ الْأَمِيرُ نُوحٌ بِمَسِيرِهِ عَنْ بُخَارَى) بَادَرَ إِلَيْهَا فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَهَا، وَعَادَ إِلَى دَارِ مُلْكِهِ وَمُلْكِ آبَائِهِ، وَفَرِحَ أَهْلُهَا بِهِ وَتَبَاشَرُوا بِقُدُومِهِ.
وَأَمَّا بَغْرَاخَانُ فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ عَادَ أَصْحَابُهُ إِلَى بِلَادِهِمْ، وَكَانَ دَيِّنًا، خَيِّرًا، عَادِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، مُحِبًّا لِلْعِلْمِ وَأَهْلِ الدِّينِ، مُكْرِمًا لَهُمْ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ: مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَلِيَ أَمْرَ التُّرْكِ بَعْدَهُ أَيْلَكُ خَانْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ شَغَبُ الدَّيْلَمِ عَلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَنَهَبُوا دَارَ الْوَزِيرِ أَبِي نَصْرِ بْنِ سَابُورَ، وَاخْتَفَى مِنْهُمْ، وَاسْتَعْفَى ابْنُ صَالِحَانَ مِنَ الِانْفِرَادِ بِالْوِزَارَةِ فَأُعْفِيَ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ، ثُمَّ هَرَبَ، وَعَادَ سَابُورُ إِلَى الْوِزَارَةِ بَعْدَ أَنْ أَصْلَحَ الدَّيْلَمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute