وَأَمَّا حَسَّانٌ فَإِنَّهُ بَقِيَ شَرِيدًا نَحْوُ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَ وَالِدَهُ إِلَى الْحَاكِمِ فَأَمَّنَهُ وَأَقْطَعُهُ، فَسَارَ حَسَّانٌ إِلَيْهِ بِمِصْرَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ الْمُفَرِّجُ وَالِدُ حَسَّانٍ قَدْ تُوُفِّيَ مَسْمُومًا، وَضَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ سَمَّهُ، فَبِمَوْتِهِ ضَعُفَ أَمْرُ حَسَّانٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْبَصْرَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ قَائِدٌ كَبِيرٌ مِنْ قُوَّادِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، اسْمُهُ لَشُكْرِسْتَانُ، إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَجْلَى عَنْهَا نُوَّابَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَتْرَاكَ لَمَّا عَادُوا عَنِ الْعَلَاءِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، كَانَ لَشُكْرِسْتَانُ هَذَا مَعَ الْعَلَاءِ، فَأَتَاهُمْ مِنَ الدَّيْلَمِ الَّذِينَ مَعَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ مُسْتَأْمَنِينَ، فَأَخَذَهُمْ لَشُكْرِسْتَانُ، وَسَارَ بِهِمْ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ، فَنَزَلُوا قُرْبَ الْبَصْرَةِ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ يُقَاتِلُونَ أَصْحَابَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَمَالَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمُقَدَّمُهُمْ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ، وَكَانُوا يَحْمِلُونَ إِلَيْهِمُ الْمِيرَةَ.
وَعَلِمَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِذَلِكَ، فَأَنْفَذَ مَنْ يَقْبِضُ عَلَيْهِمْ، فَهَرَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى لَشُكْرِسْتَانَ، فَقَوِيَ بِهِمْ، وَجَمَعُوا السُّفُنَ وَحَمَلُوهُ فِيهَا، وَنَزَلُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَاتَلُوا أَصْحَابَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِهَا، وَأَخْرَجُوهُمْ عَنْهَا، وَمَلَكَ لَشُكْرِسْتَانُ الْبَصْرَةَ، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا كَثِيرًا وَهَرَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
فَكَتَبَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ إِلَى مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، صَاحِبِ الْبَطِيحَةِ، يَقُولُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِالْبَصْرَةِ. فَسَيَّرَ إِلَيْهَا جَيْشًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ، فَأَجْلَى لَشُكْرِسْتَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ سَارَ عَنِ الْبَصْرَةِ بِغَيْرِ حَرْبٍ وَدَخَلَهَا ابْنُ مَرْزُوقٍ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا فَارَقَهَا بَعْدَ أَنْ حَارَبَ فِيهَا، وَضَعُفَ عَنِ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَصَفَتِ الْبَصْرَةُ لِمُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute