للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّ لَشُكْرِسْتَانَ عَمِلَ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَهَجَمَ عَلَيْهَا فِي السُّفُنِ، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ بِسُوقِ الطَّعَامِ، وَاقْتَتَلُوا، فَاسْتَظْهَرَ لَشُكْرِسْتَانُ، وَكَاتَبَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ يَطْلُبُ الْمُصَالَحَةَ، وَيَبْذُلُ الطَّاعَةَ، وَيَخْطُبُ لَهُ بِالْبَصْرَةِ، فَأَجَابَهُ مُهَذَّبُ الدَّوْلَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَأَخَذَ ابْنَهُ رَهِينَةً.

وَكَانَ لَشُكْرِسْتَانُ يُظْهِرُ طَاعَةَ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ وَبَهَاءِ الدَّوْلَةِ وَمُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، وَعَسَفَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ مُدَّةً، فَتَفَرَّقُوا، ثُمَّ إِنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ (وَعَدَلَ فِيهِمْ) ، فَعَادُوا.

ذِكْرُ وِلَايَةِ الْمُقَلِّدِ الْمَوْصِلَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ الْمُقَلِّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مَدِينَةَ الْمَوْصِلِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَخَاهُ أَبَا الذَّوَّادِ تُوُفِّيَ هَذِهِ السُّنَّةَ، فَطَمِعَ الْمُقَلِّدُ فِي الْإِمَارَةِ، فَلَمْ تُسَاعِدْهُ عُقَيْلٌ عَلَى ذَلِكَ، وَقَلَّدُوا أَخَاهُ عَلِيًّا لِأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ، فَأَسْرَعَ الْمُقَلِّدُ وَاسْتَمَالَ الدَّيْلَمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَجَّاجِ بِالْمَوْصِلِ، فَمَالَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَكَتَبَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ يَضْمَنُ مِنْهُ الْبَلَدَ بِأَلْفَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ كُلَّ سَنَةٍ. ثُمَّ حَضَرَ عِنْدَ أَخِيهِ عَلِيٍّ، وَأَظْهَرَ لَهُ أَنَّ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ قَدْ وَلَّاهُ الْمَوْصِلَ، وَسَأَلَهُ مُسَاعَدَتَهُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ لِأَنَّهُ قَدْ مَنَعَهُ عَنْهَا، فَسَارُوا وَنَزَلُوا عَلَى الْمَوْصِلِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ كُلُّ مَنِ اسْتَمَالَهُ الْمُقَلِّدُ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَضَعُفَ الْحَجَّاجُ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنُوهُ، وَوَاعَدَهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فِيهِ.

ثُمَّ إِنَّهُ انْحَدَرَ فِي السُّفُنِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَلَمْ يَشْعُرُوا بِهِ إِلَّا بَعْدَ انْحِدَارِهِ، فَتَبِعُوهُ، فَلَمْ يَنَالُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَنَجَا بِمَالِهِ مِنْهُمْ، وَسَارَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَدَخَلَ الْمُقَلِّدُ الْبَلَدَ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَلَى أَنْ يُخْطَبَ لَهُمَا، وَيُقَدَّمَ عَلِيٌّ لِكِبَرِهِ، وَيَكُونَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>