مَعَهُ نَائِبٌ يَجْبِي الْمَالَ، وَاشْتَرَكَا فِي الْبَلَدِ وَالْوِلَايَةِ، وَسَارَ عَلِيٌّ (إِلَى الْبَرِّ) ، وَأَقَامَ الْمُقَلِّدُ، وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ مُدَيْدَةً، ثُمَّ تَشَاجَرُوا وَاخْتَصَمُوا وَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَكَانَ الْمُقَلِّدُ يَتَوَلَّى حِمَايَةَ غَرْبِيَّ الْفُرَاتِ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ لَهُ بِبَغْدَاذَ نَائِبٌ فِيهِ تَهَوُّرٌ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ (مُشَاجَرَةٌ، فَكَتَبَ إِلَى الْمُقَلِّدِ يَشْكُو، فَانْحَدَرَ مِنَ الْمَوْصِلِ فِي عَسَاكِرِهِ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ) حَرْبٌ انْهَزَمُوا فِيهَا، وَكَتَبَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ يَعْتَذِرُ، وَطَلَبَ إِنْفَاذَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْقَصْرِ وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ مَشْغُولًا بِمَنْ يُقَاتِلُهُ مَنْ عَسْكَرِ أَخِيهِ فَاضْطَرَّ إِلَى الْمُغَالَطَةِ، وَمَدَّ الْمُقَلِّدُ يَدَهُ فَأَخَذَ الْأَمْوَالَ، فَبَرَزَ نَائِبُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَاذَ، وَهُوَ حِينَئِذٍ أَبُو عَلِيِّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَرَجَ إِلَى حَرْبِ الْمُقَلِّدِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَيْهِ، فَأَنْفَذَ أَصْحَابَهُ لَيْلًا، فَاقْتَتَلُوا، وَعَادُوا إِلَى الْمُقَلِّدِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِمَجِئِ أَصْحَابِ الْمُقَلِّدِ إِلَى بَغْدَاذَ، أَنْفَذَ أَبَا جَعْفَرٍ الْحَجَّاجَ إِلَى بَغْدَاذَ، (أَمَرَهُ بِمُصَالَحَةِ الْمُقَلِّدِ وَالْقَبْضِ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَسَارَ إِلَى بَغْدَاذَ) ، فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا رَاسَلَهُ الْمُقَلِّدُ فِي الصُّلْحِ، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الْبِلَادِ إِلَّا رَسْمَ الْحِمَايَةِ، وَيَخْطُبُ لِأَبِي جَعْفَرٍ بَعْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَأَنْ يَخْلَعَ عَلَى الْمُقَلِّدِ الْخِلَعَ السُّلْطَانِيَّةَ، وَيُلَقَّبَ بِحُسَامِ الدَّوْلَةِ، وَيُقْطَعَ الْمَوْصِلَ، وَالْكُوفَةَ، وَالْقَصْرَ وَالْجَامِعَيْنِ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَلَسَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ لَهُ.
وَلَمْ يَفِ الْمُقَلِّدُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إِلَّا بِحَمْلِ الْمَالِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ، وَمَدَّ يَدَهُ فِي الْمَالِ، وَقَصَدَهُ الْمُتَصَرِّفُونَ وَالْأَمَاثِلُ، وَعَظُمَ قَدْرُهُ، وَقَبَضَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute