وَقَدْ جَاءَتْكَ، فَرَكِبَ وَخَرَجَ إِلَيْهَا، فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ حَتَّى أَطْلَقَ أَخَاهُ عَلِيًّا، وَرَدَّ إِلَيْهِ مَالَهُ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، وَأَنْزَلَهُ فِي خِيَمٍ ضَرَبَهَا لَهُ. فَسُرَّ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَتَحَالَفَا، وَعَادَ عَلِيٌّ إِلَى حُلَّتِهِ.
وَعَادَ الْمُقَلِّدُ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَتَجَهَّزَ لِلْمَسِيرِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مَزَيْدٍ الْأَسَدِيِّ لِأَنَّهُ تَعَصَّبَ لِأَخِيهِ عَلِيٍّ، وَقَصَدَ وِلَايَةَ الْمُقَلِّدِ بِالْأَذَى فَسَارَ إِلَيْهِ.
وَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ مِنْ مَحْبِسِهِ اجْتَمَعَ الْعَرَبُ إِلَيْهِ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِقَصْدِ أَخِيهِ الْمُقَلِّدِ، فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَبِهَا أَصْحَابُ الْمُقَلِّدِ، فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فَافْتَتَحَهَا فَسَمِعَ الْمُقَلِّدُ بِذَلِكَ، فَعَادَ إِلَيْهِ، وَاجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِحُلَّةِ أَخِيهِ الْحَسَنِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَرَأَى كَثْرَةَ عَسْكَرِهِ، فَخَافَ عَلَى أَخِيهِ عَلِيٍّ مِنْهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْوُقُوفِ لِيُصْلِحَ الْأَمْرَ، وَسَارَ إِلَى أَخِيهِ عَلِيٍّ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْأَعْوَرَ، يَعْنِي الْمُقَلِّدَ قَدْ أَتَاكَ بِحَدِّهِ وَحَدِيدِهِ وَأَنْتَ غَافِلٌ، وَأَمَرَهُ بِإِفْسَادِ عَسْكَرِ الْمُقَلِّدِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ، فَظَفِرَ الْمُقَلِّدُ بِالْكُتُبِ فَأَخَذَهَا وَسَارَ مُجِدًّا إِلَى الْمَوْصِلِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَخَوَاهُ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَصَالَحَاهُ، وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ وَهُمَا مَعَهُ.
ثُمَّ خَافَ عَلِيٌّ فَهَرَبَ مِنَ الْمَوْصِلِ لَيْلًا، وَتَبِعَهُ الْحَسَنُ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا الْبَلَدَ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ، وَبَقَوْا كَذَلِكَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
وَمَاتَ عَلِيٌّ سَنَةَ تِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] وَقَامَ الْحَسَنُ مَقَامَهُ، فَقَصَدَهُ الْمُقَلِّدُ وَمَعَهُ بَنُو خَفَاجَةَ، فَهَرَبَ الْحَسَنُ إِلَى الْعِرَاقِ، وَتَبِعَهُ الْمُقَلِّدُ فَلَمْ يُدْرِكْهُ فَعَادَ.
وَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرُ الْمُقَلِّدِ، بَعْدَ أَخِيهِ عَلِيٍّ، سَارَ إِلَى بَلَدِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيِّ فَدَخَلَهُ ثَانِيَةً، وَالْتَجَأَ ابْنُ مَزْيَدٍ إِلَى مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، فَتَوَسَّطَ مَا بَيَّنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَلِّدِ، وَأَصْلَحَ الْأَمْرَ مَعَهُ، وَسَارَ الْمُقَلِّدُ إِلَى دَقُوقَا فَمَلَكَهَا.
ذِكْرُ مُلْكِ جُبْرَئِيلَ دَقُوقَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ جُبْرَئِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ دَقُوقَا. وَجُبْرَئِيلُ هَذَا كَانَ مِنَ الرَّجَّالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute