ثَانِيًا، فَاتَّفَقَ مَسِيرُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْقَنْطَرَةِ الْبَيْضَاءِ، وَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ الْمُقَلِّدُ عَلَى أَخِيهِ عَلِيٍّ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ أَصْحَابِهِمَا بِالْمَوْصِلِ، وَاشْتَغَلَ الْمُقَلِّدُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ بِالْعِرَاقِ، فَلَمَّا خَلَا وَجْهُهُ وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ عَزَمَ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْ أَصْحَابِ أَخِيهِ، ثُمَّ خَافَهُ، فَأَعْمَلَ الْحِيلَةَ فِي قَبْضِ أَخِيهِ، فَأَحْضَرَ عَسْكَرَهُ مِنَ الدَّيْلَمِ وَالْأَكْرَادِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ قَصْدَ دَقُوقَا، وَحَلَّفَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَانَتْ دَارُهُ مُلَاصِقَةً دَارَ أَخِيهِ، فَنَقَّبَ فِي الْحَائِطِ وَدَخَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَأَخَذَهُ وَأَدْخَلَهُ الْخِزَانَةَ، وَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى زَوْجَتِهِ يَأْمُرُهَا بِأَخْذِ وَلَدَيْهِ قِرْوَاشٍ وَبَدْرَانَ وَاللَّحَاقِ بَتَكْرِيتَ، قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ أَخُوهُ الْحَسَنُ الْخَبَرَ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، وَخَلَصَتْ، وَكَانَتْ فِي الْحُلَّةِ الَّتِي لَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مِنْ تَكْرِيتَ.
وَسَمِعَ الْحَسَنُ الْخَبَرَ، فَبَادَرَ إِلَى الْحُلَّةِ لِيَقْبِضَ أَوْلَادَ أَخِيهِ، فَلَمْ يَجِدْهُمْ وَأَقَامَ الْمُقَلِّدُ بِالْمَوْصِلِ يَسْتَدْعِي رُؤَسَاءَ الْعَرَبِ وَيَخْلَعُ عَلَيْهِمْ، فَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ زُهَاءُ أَلْفَيْ فَارِسٍ، وَسَارَ الْحَسَنُ فِي حُلَلِ أَخِيهِ، وَمَعَهُ أَوْلَادُ أَخِيهِ عَلِيٍّ وَحُرَمُهُ، وَيَسْتَنْفِرُهُمْ عَلَى الْمُقَلِّدِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُمْ نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافٍ، وَرَاسَلَ الْمُقَلِّدُ يُؤْذِنُهُ بِالْحَرْبِ، فَسَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ، وَبَقِيَ بَيْنَهُمْ مَنْزِلٌ وَاحِدٌ، وَنَزَلَ بِإِزَاءِ الْعَلْثِ، فَحَضَرَهُ وُجُوهُ الْعَرَبِ، وَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَشَارَ بِالْحَرْبِ وَمِنْهُمْ رَافِعُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقْنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَشَارَ بِالْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَمِنْهُمْ غَرِيبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقْنٍ، وَتَنَازَعَ هُوَ وَأَخُوهُ.
فَبَيْنَمَا هُمْ (فِي ذَلِكَ) قِيلَ لِمُقَلِّدٍ: إِنَّ أُخْتَكَ رُهَيْلَةَ بِنْتَ الْمُسَيَّبِ تُرِيدُ لِقَاءَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute