وَكَانَتْ دَوْلَتُهُمْ قَدِ انْتَشَرَتْ وَطَبَّقَتْ كَثِيرًا مِنَ الْأَرْضِ مِنْ حُدُودِ حُلْوَانَ إِلَى بِلَادِ التُّرْكِ، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ الدُّوَلِ سِيرَةً وَعَدْلًا، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نُوحِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحِ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كُلُّهُمْ مَلَكُوا، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مَذْكُورًا فِي هَذَا النَّسَبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نُوحِ بْنِ نَصْرٍ مَلَكَ قَبْلَ أَخِيهِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحٍ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ مِنْهُمْ أَيْضًا مَنْصُورُ بْنُ نُوحِ بْنِ مَنْصُورٍ أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا الْأَخِيرِ الَّذِي زَالَ الْمُلْكُ فِي وِلَايَتِهِ وَلِيَ قَبْلَهُ.
ذِكْرُ مُلْكِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ الدَّيْلَمُ الَّذِينَ مَعَ أَبِي عَلِيِّ بْنُ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ بِالْأَهْوَازِ فِي طَاعَةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَيْ بَخْتِيَارَ لَمَّا قَتَلَا صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَلَكَا بِلَادَ فَارِسَ، كَتَبَا إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ بِالْخَبَرِ، وَيَذْكُرَانِ تَعْوِيلَهُمَا عَلَيْهِ، وَاعْتِضَادَهُمَا بِهِ، وَيَأْمُرَانِهِ بِأَخْذِ الْيَمِينِ لَهُمَا عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَالْمُقَامِ بِمَكَانِهِ، وَالْجِدِّ بِمُحَارَبَةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ. فَخَافَهُمَا أَبُو عَلِيٍّ لِمَا كَانَ أَسْلَفَهُ إِلَيْهِمَا مِنْ قِبَلِ أَخَوَيْهِمَا وَأَسْرِهِمَا، فَجَمَعَ الدَّيْلَمَ الَّذِي مَعَهُ وَأَخْبَرَهُمُ الْحَالَ، وَاسْتَشَارَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُ، فَأَشَارُوا بِطَاعَةِ ابْنَيْ بَخْتِيَارَ وَمُقَاتَلَةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَلَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَرَأَى أَنْ يُرَاسِلَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ وَيَسْتَمِيلَهُ وَيُحَلِّفَهُ لَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّا نَخَافُ الْأَتْرَاكَ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ وَتَفَرَّقُوا.
وَرَاسَلَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ يَسْتَمِيلُهُ، وَيَبْذُلُ لَهُ وَلِلدَّيْلَمِ الْأَمَانَ وَالْإِحْسَانَ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ، وَقَالَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ: إِنَّ ثَأْرِي وَثَأْرَكُمْ عِنْدَ مَنْ قَتَلَ أَخِي، فَلَا عُذْرَ لَكُمْ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْأَخْذِ بِثَأْرِهِ، وَاسْتَمَالَ الدَّيْلَمَ فَأَجَابُوهُ إِلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَأَنْفَذُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute