للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا، وَسَيَّرَ عَسْكَرًا مَعَ أَبِي الْفَتْحِ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ إِلَى كَرْمَانَ فَمَلَكَهَا وَأَقَامَ بِهَا نَائِبًا عَنْ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ.

إِلَى هَاهُنَا آخِرُ مَا فِي " ذَيْلِ " الْوَزِيرِ أَبِي شُجَاعٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

ذِكْرُ مَسِيرِ بَادِيسَ إِلَى زَنَاتَةَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، مُنْتَصَفَ صَفَرَ، أَمَرَ بَادِيسُ بْنُ الْمَنْصُورِ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، نَائِبَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْعَرَبِ بِالتَّجَهُّزِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْعَسَاكِرِ وَالْعُدَدِ، وَالْمَسِيرِ إِلَى زَنَاتَةَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَمَّهُ يَطُّوفَتَ كَتَبَ إِلَيْهِ يُعْلِمُهُ أَنَّ زِيرِيَ بْنَ عَطِيَّةَ الْمُلَقَّبَ بِالْقِرْطَاسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، نَزَلَ عَلَيْهِ بِتَاهَرْتَ مُحَارِبًا، فَأَمَرَ مُحَمَّدًا بِالتَّجَهُّزِ إِلَيْهِ، فَسَارَ فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَشِيرَ، وَبِهَا حَمَّادُ بْنُ يُوسُفَ عَمُّ بَادِيسَ، كَانَ قَدْ أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا بَادِيسُ، فَرَحَلَ حَمَّادٌ مَعَهُ، فَوَصَلَ إِلَى تَاهَرْتَ، وَاجْتَمَعَا بَيَطُّوفَتَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ زِيرِي بْنِ عَطِيَّةَ مَرْحَلَتَانِ، فَزَحَفُوا إِلَيْهِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا حُرُوبٌ عَظِيمَةٌ.

وَكَانَ أَكْثَرُ عَسْكَرِ حَمَّادٍ يَكْرَهُونَهُ لِقِلَّةِ عَطَائِهِ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَالُ انْهَزَمُوا، فَتَبِعَهُمْ جَمِيعُ الْعَسْكَرِ، فَأَرَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَرَبِ أَنْ يَرُدَّ النَّاسَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ، وَمَلَكَ زِيرِي بْنُ عَطِيَّةَ مَالَهُمْ وَعُدَدَهُمْ وَرَجَعَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى أَشِيرَ.

وَبَلَغَ خَبَرُ الْهَزِيمَةِ إِلَى بَادِيسَ، فَرَحَلَ، فَلَمَّا قَارَبَ طُبْنَةَ بَعَثَ فِي طَلَبِ فُلْفُلِ بْنِ سَعِيدٍ، فَخَافَ فَأَرْسَلَ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ، وَطَلَبَ عَهْدًا بِإِقْطَاعِ مَدِينَةِ طُبْنَةَ، فَكَتَبَ لَهُ، وَسَارَ بَادِيسُ، فَلَمَّا أَبْعَدَ قَصَدَ فُلْفُلٌ مَدِينَةَ طُبْنَةَ، وَغَلَبَ عَلَى مَا حَوْلَهَا، وَقَصَدَ بَاغَايَةَ فَحَصَرَهَا، وَبَادِيسُ سَائِرٌ إِلَى أَشِيرَ. فَلَمَّا سَمِعَ زِيرِي بْنُ عَطِيَّةَ بِأَنَّهُ قَدْ قَرُبَ مِنْهُ رَحَلَ إِلَى تَاهَرْتَ، فَقَصَدَهُ بَادِيسُ، فَسَارَ زِيرِي إِلَى الْعَرَبِ. فَلَمَّا سَمِعَ بَادِيسُ بِرَحِيلِهِ اسْتَعْمَلَ عَمَّهُ يَطُّوفَتَ عَلَى أَشِيرَ، وَأَعْطَاهُ أَمْوَالًا وَعُدَدًا، وَعَادَ إِلَى أَشِيرَ، فَبَلَغَهُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>