وَبَلَغَ يَمِينَ الدَّوْلَةِ الْخَبَرُ، (فَسَارَ مُجِدًّا نَحْوَ نَيْسَابُورَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا سَارَ) عَنْهَا الْمُنْتَصِرُ إِلَى أَسْفَرَايِينَ، فَلَمَّا أَزْعَجَهُ الطَّلَبُ سَارَ نَحْوَ شَمْسِ الْمَعَالِي قَابُوسِ بْنِ وَشْمَكِيرَ مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ وَمُتَكَثِّرًا بِهِ، فَأَكْرَمَ مَوْرِدَهُ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَشَارَ عَلَى الْمُنْتَصِرِ بِقَصْدِ الرَّيِّ إِذْ كَانَتْ لَيْسَ بِهَا مَنْ يَذُبُّ عَنْهَا، لِاشْتِغَالِ أَصْحَابِهَا بِاخْتِلَافِهِمْ، وَوَعَدَهُ بِأَنْ يُنْجِدَهُ بِعَسْكَرٍ جَرَّارٍ مَعَ أَوْلَادِهِ، فَقَبِلَ مَشُورَتَهُ وَسَارَ نَحْوَ الرَّيِّ، فَنَازَلَهَا، فَضَعُفَ مَنْ بِهَا عَنْ مُقَاوَمَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ حَفِظُوا الْبَلَدَ مِنْهُ، وَدَسُّوا إِلَى أَعْيَانِ عَسْكَرِهِ كَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ سِيمْجُورَ وَغَيْرِهِ، وَبَذَلُوا لَهُمُ الْأَمْوَالَ لِيَرُدُّوهُ عَنْهُمْ، فَفَعَلُوا، ذَلِكَ، وَصَغَّرُوا أَمْرَ الرَّيِّ عِنْدَهُ وَحَسَّنُوا لَهُ الْعَوْدَ إِلَى خُرَاسَانَ. فَسَارَ نَحْوَ الدَّامِغَانِ، وَعَادَ عَنْهُ عَسْكَرُ قَابُوسٍ.
وَوَصَلَ الْمُنْتَصِرُ إِلَى نَيْسَابُورَ (فِي آخِرِ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَجَبَى لَهُ الْأَمْوَالَ بِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ) ، يَمِينُ الدَّوْلَةِ جَيْشًا فَلَقَوْهُ، فَانْهَزَمَ الْمُنْتَصِرُ وَسَارَ نَحْوَ أَبِيوَرْدَ، وَقَصَدَ جُرْجَانَ، فَرَدَّهُ شَمْسُ الْمَعَالِي عَنْهَا، فَقَصَدَ سَرَخْسَ وَجَبَى أَمْوَالَهَا وَسَكَنَهَا. فَسَارَ إِلَيْهِ مَنْصُورُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ مِنْ نَيْسَابُورَ، فَالْتَقَوْا بِظَاهِرِ سَرَخْسَ وَاقْتَتَلُوا فَانْهَزَمَ الْمُنْتَصِرُ وَأَصْحَابُهُ، وَأُسِرَ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيمْجُورَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ عَسْكَرِهِ، وَحُمِلُوا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَسَيَّرَهُمْ إِلَى غَزْنَةَ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
وَسَارَ الْمُنْتَصِرُ تَائِهًا حَتَّى وَافَى الْأَتْرَاكَ الْغُزِّيَّةَ وَلَهُمْ مَيْلٌ إِلَى آلِ سَامَانَ، فَحَرَّكَتْهُمُ الْحَمِيَّةُ، وَاجْتَمَعُوا مَعَهُ، وَسَارَ بِهِمْ نَحْوَ أَيْلَكَ الْخَانِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، فَلَقِيَهُمْ أَيْلَكُ بِنَوَاحِي سَمَرْقَنْدَ، فَهَزَمُوهُ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى أَمْوَالِهِ وَسَوَادِهِ، وَأَسَرُوا جَمَاعَةً مِنْ قُوَّادِهِ وَعَادُوا إِلَى أَوْطَانِهِمْ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى إِطْلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute