للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطِيرُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ اسْتَمَالَ الْأُمَرَاءَ، وَوَضَعَهُمْ عَلَيْهَا، وَالشَّكْوَى عَلَيْهَا، وَخَوَّفَ ابْنَهَا مِنْهَا، فَصَارَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. فَخَرَجَتْ مِنَ الرَّيِّ إِلَى الْقَلْعَةِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، فَعَمِلَتِ الْحِيلَةَ حَتَّى هَرَبَتْ إِلَى بَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ، وَاسْتَعَانَتْ بِهِ فِي رَدِّهَا إِلَى الرَّيِّ.

وَجَاءَهَا وَلَدُهَا شَمْسُ الدَّوْلَةِ، وَعَسَاكِرُ هَمَذَانَ، وَسَارَ مَعَهَا بَدْرٌ إِلَى الرَّيِّ فَحَصَرُوهَا، وَجَرَى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ قِتَالٌ كَثِيرٌ مُدَّةً، ثُمَّ اسْتَظْهَرَ بَدْرٌ، وَدَخَلَ الْبَلَدَ، وَأَسَرَ مَجْدَ الدَّوْلَةِ، فَقَيَّدَتْهُ وَالِدَتُهُ وَسَجَنَتْهُ بِالْقَلْعَةِ، وَأَجْلَسَتْ أَخَاهُ شَمْسَ الدَّوْلَةِ فِي الْمُلْكِ وَصَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهَا.

وَعَادَ بَدْرٌ إِلَى بَلَدِهِ، وَبَقِيَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ فِي الْمُلْكِ نَحْوَ سَنَةٍ، فَرَأَتْ وَالِدَتُهُ مِنْهُ تَنَكُّرًا وَتَغَيُّرًا، وَأَنَّ أَخَاهُ مَجْدَ الدَّوْلَةِ أَلْيَنُ عَرِيكَةً، وَأَسْلَمُ جَانِبًا، فَأَعَادَتْهُ إِلَى الْمُلْكِ، وَسَارَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ إِلَى هَمَذَانَ، وَكَرِهَ بَدْرٌ هَذِهِ الْحَالَةَ إِلَّا أَنَّهُ اشْتَغَلَ بِوَلَدِهِ هِلَالٍ عَنِ الْحَرَكَةِ فِيهَا، وَصَارَتْ هِيَ تُدَبِّرُ الْأَمْرَ، وَتَسْمَعُ رَسَائِلَ الْمُلُوكِ، وَتُعْطِي الْأَجْوِبَةَ.

وَأَرْسَلَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَدْرٍ يَسْتَمِدُّهُ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ جُنْدًا، فَأَخَذَهُمْ وَسَارَ بِهِمْ إِلَى قُمٍّ، فَحَصَرُوهَا، فَمَنَعَهَا أَهْلُهَا. ثُمَّ إِنَّ الْعَسَاكِرَ دَخَلُوا طَرَفًا مِنْهَا وَاشْتَغَلُوا بِالنَّهْبِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِمُ الْعَامَّةُ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ نَحْوَ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، ثُمَّ قَبَضَ هِلَالُ بْنُ بَدْرٍ عَلَى أَبِيهِ، فَتَفَرَّقَ ذَلِكَ الْجَمْعُ كُلُّهُ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِالْعِرَاقِ، فَضَجَّ الْعَامَّةُ، وَشَغَبَ الْجُنْدُ وَكَانَتْ فِتْنَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>