الدَّوْلَةِ، فَتَسَلَّمَهَا مِنْ ثِمَالٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَسَارَ ثِمَالٌ إِلَى مِصْرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَسَارَ أَخُوهُ (أَبُو ذُؤَابَةَ) عَطِيَّةُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَأَقَامَ ابْنُ مُلْهَمٍ بِحَلَبَ، فَجَرَى بَيْنَ بَعْضِ السُّودَانِ وَأَحْدَاثِ حَلَبَ حَرْبٌ.
وَسَمِعَ ابْنُ مُلْهَمٍ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ حَلَبَ قَدْ كَاتَبَ مَحْمُودَ بْنَ شِبْلِ الدَّوْلَةِ نَصْرِ بْنِ صَالِحٍ يَسْتَدْعُونَهُ لِيُسَلِّمُوا الْبَلَدَ إِلَيْهِ، فَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِكَامِلِ بْنِ نُبَاتَةَ، فَخَافَ، فَجَلَسَ يَبْكِي، وَكَانَ يَقُولُ لِكُلِّ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ بُكَائِهِ: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ أُخِذُوا قَدْ قُتِلُوا، وَأَخَافُ عَلَى الْبَاقِينَ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ، وَاشْتَدُّوا، وَرَاسَلُوا مَحْمُودًا، وَهُوَ عَنْهُمْ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، يَسْتَدْعُونَهُ، وَحَصَرُوا ابْنَ مُلْهَمٍ، وَجَاءَ مَحْمُودٌ وَحَصَرَهُ مَعَهُمْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .
وَوَصَلَتِ الْأَخْبَارُ إِلَى مِصْرَ، فَسَيَّرُوا نَاصِرَ الدَّوْلَةِ أَبَا عَلِيِّ بْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ فِي عَسْكَرٍ، بَعْدَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ دُخُولِ مَحْمُودٍ حَلَبَ، فَلَمَّا قَارَبَ الْبَلَدَ خَرَجَ مَحْمُودٌ عَنْ حَلَبَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَاخْتَفَى الْأَحْدَاثُ جَمِيعُهُمْ، وَكَانَ عَطِيَّةُ بْنُ صَالِحٍ نَازِلًا بِقُرْبِ الْبَلَدِ، وَقَدْ كَرِهَ فِعْلَ مَحْمُودِ ابْنِ أَخِيهِ، فَقَبَضَ ابْنُ مُلْهَمٍ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنَ الْأَحْدَاثِ، وَنَهَبَ وَسَطَ الْبَلَدِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ.
وَأَمَّا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ فَلَمْ يُمَكِّنْ أَصْحَابَهُ مِنْ دُخُولِ الْبَلَدِ وَنَهْبِهِ، وَسَارَ فِي طَلَبِ مَحْمُودٍ، فَالْتَقَيَا بِالْفُنَيْدِقِ فِي رَجَبٍ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ ابْنِ حَمْدَانَ، وَثَبَتَ هُوَ فَجُرِحَ، وَحُمِلَ إِلَى مَحْمُودٍ أَسِيرًا، فَأَخَذَهُ وَسَارَ إِلَى حَلَبَ فَمَلَكَهَا، وَمَلَكَ الْقَلْعَةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَطْلَقَ ابْنَ حَمْدَانَ، فَسَارَ هُوَ وَابْنُ مُلْهَمٍ إِلَى مِصْرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute