الْمِصْرِيَّةَ، (وَصَاحِبُ مِصْرَ حِينَئِذٍ الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ) ، فَلَقِيَهُمْ عِنْدَ حَمَاةَ، فَقُتِلَ فِي شَعْبَانَ وَمَلَكَ الدِّزْبَرِيُّ حَلَبَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَمَلَكَ الشَّامَ جَمِيعَهُ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَكَثُرَ مَالُهُ، وَأَرْسَلَ يَسْتَدْعِي الْجُنْدَ الْأَتْرَاكَ مِنَ الْبِلَادِ، فَبَلَغَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الْعِصْيَانِ، فَتَقَدَّمُوا إِلَى أَهْلِ دِمَشْقَ بِالْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ، فَفَعَلُوا، فَسَارَ عَنْهَا نَحْوَ حَلَبَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ وَاحِدٍ.
وَكَانَ أَبُو عُلْوَانَ ثِمَالُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْمُلَقَّبُ بِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ بِالرَّحْبَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ الدِّزْبَرِيِّ جَاءَ إِلَى حَلَبَ فَمَلَكَهَا تَسْلِيمًا مِنْ أَهْلِهَا، وَحَاصَرَ امْرَأَةَ الدِّزْبَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ بِالْقَلْعَةِ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، وَمَلَكَهَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] فَبَقِيَ فِيهَا إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِينَ. فَأَنْفَذَ الْمِصْرِيُّونَ إِلَى مُحَارَبَتِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَخَرَجَ أَهْلُ حَلَبَ إِلَى حَرْبِهِ، فَهَزَمَهُمْ، وَاخْتَنَقَ مِنْهُمْ بِالْبَابِ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ إِنَّهُ رَحَلَ عَنْ حَلَبَ وَعَادَ إِلَى مِصْرَ، وَأَصَابَهُمْ سَيْلٌ ذَهَبَ بِكَثِيرٍ مِنْ دَوَابِّهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ. فَأَنْفَذَ الْمِصْرِيُّونَ إِلَى قِتَالِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ خَادِمًا يُعْرَفُ بِرِفْقٍ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فِي أَهْلِ حَلَبَ فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ الْمِصْرِيُّونَ، وَأُسِرَ رِفْقٌ، وَمَاتَ عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَسْرُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ إِنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَ الْهَدَايَا إِلَى الْمِصْرِيِّينَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَهُ مَعَهُمْ، وَنَزَلَ لَهُمْ عَنْ حَلَبَ، فَأَنْفَذُوا إِلَيْهَا أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُلْهَمٍ، وَلَقَّبُوهُ مَكِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute