وَقَتَلَ أَهْلَهَا، وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَيَّامَ الظَّاهِرِ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ خَلِيفَةِ مِصْرَ.
وَقَصَدَ صَالِحٌ حَلَبَ، وَبِهَا إِنْسَانٌ يُعْرَفُ بِابْنِ ثُعْبَانٍ يَتَوَلَّى أَمْرَهَا لِلْمِصْرِيِّينَ، وَبِالْقَلْعَةِ خَادِمٌ يُعْرَفُ بِمَوْصُوفٍ، فَأَمَّا أَهْلُ الْبَلَدِ فَسَلَّمُوهُ إِلَى صَالِحٍ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، وَلِسُوءِ سِيرَةِ الْمِصْرِيِّينَ مَعَهُمْ، وَصَعِدَ ابْنُ ثُعْبَانٍ إِلَى الْقَلْعَةِ، فَحَصَرَهُ صَالِحٌ بِالْقَلْعَةِ، فَغَارَ الْمَاءُ الَّذِي بِهَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَا يَشْرَبُونَ، فَسَلَّمَ الْجُنْدُ الْقَلْعَةَ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَمَلَكَ مِنْ بَعْلَبَكَّ إِلَى عَانَةَ، وَأَقَامَ بِحَلَبَ سِتَّ سِنِينَ.
فَلَمَّا كَانَ سَنَةُ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، جَهَّزَ الظَّاهِرُ صَاحِبُ مِصْرَ جَيْشًا، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ لِقِتَالِ صَالِحٍ وَحَسَّانَ، وَكَانَ مُقَدَّمُ الْعَسْكَرِ أَنُوشْتِكِينَ الدِّزْبَرِيَّ، فَاجْتَمَعَ صَالِحٌ وَحَسَّانُ عَلَى قِتَالِهِ، فَاقْتَتَلُوا بِالْأُقْحُوَانَةِ عَلَى الْأُرْدُنِّ، عِنْدَ طَبْرِيَّةَ، فَقُتِلَ صَالِحٌ وَوَلَدُهُ الْأَصْغَرُ، وَأُنْفِذَ رَأْسَاهُمَا إِلَى مِصْرَ، وَنَجَا وَلَدُهُ أَبُو كَامِلٍ نَصْرُ بْنُ صَالِحٍ، فَجَاءَ إِلَى حَلَبَ وَمَلَكَهَا، وَكَانَ لَقَبُهُ شِبْلَ الدَّوْلَةِ.
فَلَمَّا عَلِمَتِ الرُّومُ بِأَنْطَاكِيَةَ الْحَالَ، تَجَهَّزُوا إِلَى حَلَبَ فِي عَالَمٍ كَثِيرٍ، فَخَرَجَ أَهْلُهَا فَحَارَبُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَعَادُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَبَقِيَ شِبْلُ الدَّوْلَةِ مَالِكًا لِحَلَبَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الدِّزْبَرِيُّ الْعَسَاكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute