مَحْمُودٌ فِي حَلَبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَوَصَّى بِهَا بَعْدَهُ لِابْنِهِ شَيْبٍ، فَلَمْ يُنَفِّذْ أَصْحَابُهُ وَصِيتَهُ لِصِغَرِهِ، وَسَلَّمُوا الْبَلَدَ إِلَى وَلَدِهِ الْأَكْبَرِ، وَاسْمُهُ نَصْرٌ، وَجَدُّهُ لِأُمِّهِ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ بْنُ الْمَلِكِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ وَتَزَوَّجَهَا عِنْدَ دُخُولِهِمْ مِصْرَ لَمَّا مَلَكَ طُغْرُلْبَكَ الْعِرَاقَ.
وَكَانَ نَصْرٌ يُدْمِنُ شُرْبَ الْخَمْرِ، فَحَمَلَهُ السُّكْرُ عَلَى أَنْ خَرَجَ إِلَى التُّرْكُمَانِ الَّذِينَ مَلَّكُوا أَبَاهُ الْبَلَدَ، وَهُمْ بِالْحَاضِرِ، يَوْمَ الْفِطْرِ، فَلَقُوهُ، وَقَبَّلُوا الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَبَّهُمْ وَأَرَادَ قَتْلَهُمْ، فَرَمَاهُ أَحَدُهُمْ بِنُشَّابَةٍ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ أَخُوهُ سَابِقٌ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبُوهُ أَوْصَى لَهُ بِحَلَبَ، فَلَمَّا صَعِدَ الْقَلْعَةَ اسْتَدْعَى أَحْمَدَ شَاهَ مُقَدَّمَ التُّرْكُمَانِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ فِيهَا إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، فَقَصَدَهُ تُتُشُ بْنُ أَلْبِ أَرْسَلَانَ، فَحَصَرَهُ بِحَلَبَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، ثُمَّ رَحَلَ عَنْهُ، وَنَازَلَهُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ، فَأَخَذَ الْبَلَدَ مِنْهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ; (فَهَذِهِ جَمِيعُ أَخْبَارِ بَنِي مِرْدَاسٍ أَتَيْتُ بِهَا مُتَتَابِعَةً لِئَلَّا تُجْهَلَ إِذَا تَفَرَّقَتْ) .
ذِكْرُ قَتْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ خَفَاجَةَ
لَمَّا (فَتَحَ) الْمَلِكُ فَخْرُ الدَّوْلَةِ دَيْرَ الْعَاقُولِ أَتَاهُ سُلْطَانٌ، وَعُلْوَانُ، وَرَجَبٌ، أَوْلَادُ ثِمَالٍ الْخَفَاجِيِّ، وَمَعَهُمْ أَعْيَانُ عَشَائِرِهِمْ، وَضَمِنُوا حِمَايَةَ سَقْيِ الْفُرَاتِ، وَدَفْعِ عُقَيْلٍ عَنْهَا، وَسَارُوا مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ مَعَ ذِي السَّعَادَتَيْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ إِلَى الْأَنْبَارِ، فَسَارُوا، فَلَمَّا صَارُوا بِنَوَاحِي الْأَنْبَارِ أَفْسَدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute