وَسُلْطَانُكَ عَلَى أَسِيرٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْكَ؛ فَقَتَلَهُ وَحَمَلَ جَمِيعَ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ طَعَامٍ وَمِلْحٍ وَذَخِيرَةٍ إِلَى الْقَلْعَةِ الَّتِي لَهُ.
وَسَارَ بَادِيسُ خَلْفَهُ، وَعَزَمَ عَلَى الْمُقَامِ بِنَاحِيَتِهِ، وَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ، وَبَذَلَ الْأَمْوَالَ لِرِجَالِهِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى حَمَّادٍ، وَأَنْكَرَ رِجَالَهُ، وَضَعُفَتْ نَفْسُهُ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ.
ثُمَّ مَاتَ وِرِّوُ بْنُ سَعِيدٍ الزِّنَاتِيُّ الْمُتَغَلِّبُ عَلَى نَاحِيَةِ طَرَابُلُسَ، وَاخْتَلَفَتْ كَلِمَةُ زِنَاتَةَ، فَمَالَتْ فِرْقَةٌ مَعَ أَخِيهِ خَزَرُونَ، وَفِرْقَةٌ مَعَ ابْنِ وِرِّوٍ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى حَمَّادٍ، وَكَانَ يَطْمَعُ أَنَّ زِنَاتَةَ تَغْلِبُ عَلَى بَعْضِ الْبِلَادِ، فَيَضْطَرُّ بَادِيسُ إِلَى الْحَرَكَةِ إِلَيْهِمْ.
ذِكْرُ وَفَاةِ بَادِيسَ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ الْمُعِزِّ
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ، سَلْخُ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَمَرَ بَادِيسُ بِعَرْضِ الْعَسَاكِرِ، فَرَأَى مَا سَرَّهُ، وَرَكِبَ آخِرَ النَّهَارِ، وَنَزَلَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَفَارَقُوهُ إِلَى خِيَامِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ تُوُفِّيَ.
وَخَرَجَ الْخَادِمُ فِي الْوَقْتِ إِلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، وَبَادِيسَ بْنِ أَبِي حَمَامَةَ، وَأَيُّوبَ بْنِ يَطَّوَّفْتَ، وَهُمْ أَكْبَرُ قُوَّادِهِ، (فَأَعْلَمَهُمْ بِوَفَاتِهِ) .
وَكَانَ بَيْنَ حَبِيبٍ وَبَادِيسَ بْنِ حَمَامَةَ عَدَاوَةٌ، فَخَرَجَ حَبِيبٌ مُسْرِعًا إِلَى بَادِيسَ وَخَرَجَ بَادِيسُ إِلَيْهِ أَيْضًا، فَالْتَقَيَا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: قَدْ عَرَفْتَ الَّذِي بَيْنَنَا، وَالْأَوْلَى أَنَّ نَتَّفِقَ عَلَى إِصْلَاحِ هَذَا الْخَلَلِ، فَإِذَا انْقَضَى رَجَعْنَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute