لَحِقَ بِجَبَلَيْ طَيِّءٍ، وَكَانَ مُتَزَوِّجًا إِلَيْهِمْ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ. فَأَبَوْا عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ كِسْرَى، فَأَقْبَلَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْبَلُهُ، حَتَّى نَزَلَ فِي ذِي قَارٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ سِرًّا، فَلَقِيَ هَانِئَ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ وَكَانَ سَيِّدًا مَنِيعًا، وَالْبَيْتُ مِنْ رَبِيعَةَ فِي آلِ ذِي الْجَدَّيْنِ لِقَيْسِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قَيْسِ بْنِ خَالِدٍ ذِي الْجَدَّيْنِ، وَكَانَ كِسْرَى قَدْ أَطْعَمَهُ الْأُبُلَّةَ، فَكَرِهَ النُّعْمَانُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ أَهْلَهُ لِذَلِكَ، وَعَلِمَ أَنَّ هَانِئًا يَمْنَعُهُ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ أَهْلَهُ، فَأَوْدَعَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَفِيهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْعٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِمِائَةِ دِرْعٍ.
وَتَوَجَّهَ النُّعْمَانُ إِلَى كِسْرَى فَلَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَدِيٍّ عَلَى قَنْطَرَةِ سَابَاطَ، فَقَالَ: انْجُ نُعَيْمُ. فَقَالَ: أَنْتَ يَا زَيْدُ فَعَلْتَ هَذَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنِ انْفَلَتُّ لِأَفْعَلَنَّ بِكَ مَا فَعَلْتُ بِأَبِيكَ. فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: امْضِ نُعَيْمُ فَقَدْ وَاللَّهِ وَضَعْتُ لَكَ عِنْدَهُ أَخِيَّةً لَا يَقْطَعُهَا الْمُهْرُ الْأَرِنُ.
فَلَمَّا بَلَغَ كِسْرَى أَنَّهُ بِالْبَابِ بَعَثَ إِلَيْهِ فَقَيَّدَهُ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى خَانِقِينَ حَتَّى وَقَعَ الطَّاعُونُ فَمَاتَ فِيهِ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَابَاطَ بِبَيْتِ الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُولُ:
فَذَاكَ وَمَا أَنْجَى مِنَ الْمَوْتِ رَبُّهُ ... بِسَابَاطَ حَتَّى مَاتَ وَهْوَ مُحَرْزَقُ
؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute