وَقَالُوا: قَدْ أَخْطَأَ هَذَا، وَالْقِيَامُ بِأُمُورِنَا مُتَعَيَّنٌ عَلَيْهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَحَ بَابَهُ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ قَدْ قَصَدَ بِلَادَهُ وَنَهَبَهَا أَيَّامَ عَمِّهِ طُغْرُلْبَكَ، فَلَمْ يُقَابِلِ الشَّرَّ بِمِثْلِهِ، وَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] يُهَنِّئُهُ بِعَوْدِهِ إِلَى مُسْتَقَرِّهِ، وَيَسْأَلُ التَّقَدُّمَ إِلَى أَلْبِ أَرْسَلَانَ بِالْكَفِّ عَنْ بِلَادِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْخِلَعَ وَالْأَلْقَابَ، ثُمَّ فُلِجَ سَنَةَ سِتِّينَ.
وَكَانَ فِي حَيَاتِهِ قَدْ جَعَلَ الْمُلْكَ فِي وَلَدِهِ شَمْسِ الْمُلْكِ، فَقَصَدَهُ أَخُوهُ طُغَانُ خَانَ بْنُ طُفْغَاجَ، وَحَصَرَهُ بِسَمَرْقَنْدَ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُهَا إِلَى شَمْسِ الْمُلْكِ، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ خَرَّبَ أَخُوكَ ضَيَاعَنَا وَأَفْسَدَهَا، وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ لَسَاعَدْنَاكَ، وَلَكِنَّهُ أَخُوكَ فَلَا نَدْخُلُ بَيْنَكُمَا فَوَعَدَهُمُ الْمُنَاجَزَةَ، وَخَرَجَ مِنَ الْبَلَدِ نِصْفَ اللَّيْلِ فِي خَمْسِمِائَةِ غُلَامٍ مُعَدِّينَ، وَكَبَسَ أَخَاهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاطٍ، فَظَفِرَ بِهِ، فَهَزَمَهُ، وَكَانَ هَذَا وَأَبُوهُمَا حَيٌّ.
ثُمَّ قَصَدَهُ هَارُونُ بَغْرَا خَانَ بْنُ يُوسُفَ قَدْرَ خَانَ، وَطُغْرُلُ قَرَا خَانَ، وَكَانَ طُفْغَاجُ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى مَمَالِكِهِمَا، وَقَارَبَا سَمَرْقَنْدَ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَمْسِ الْمُلْكِ، فَصَالَحَاهُ وَعَادَا فَصَارَتِ الْأَعْمَالُ الْمُتَاخِمَةُ لِجَيْحُونَ لِشَمْسِ الْمُلْكِ، وَأَعْمَالِ الْخَاهِرَ فِي أَيْدِيهِمَا، وَالْحَدُّ بَيْنَهُمَا خُجَنْدَةُ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ قَدْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ قَدْرَ خَانَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، وَتَزَوَّجَ شَمْسُ الْمُلْكِ ابْنَةَ أَلْبِ أَرْسَلَانَ، وَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ عِيسَى خَانَ مِنَ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ، وَهُوَ خَاتُونُ الْجَلَالِيَّةُ أَمُّ الْمَلِكِ مَحْمُودٍ الَّذِي وَلِيَ السَّلْطَنَةَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَلْبُ أَرْسَلَانَ وَشَمْسُ الْمُلْكِ، وَسَنَذْكُرُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] عِنْدَ قَتْلِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ، ثُمَّ مَاتَ شَمْسُ الْمُلْكِ، فَوَلِيَ بَعْدَهُ أَخُوهُ خِضْرُ خَانَ ثُمَّ مَاتَ فَوَلِيَ ابْنُهُ أَحْمَدُ خَانَ وَهُوَ الَّذِي قَبَضَ عَلَيْهِ مَلِكْشَاهْ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى وِلَايَتِهِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute