للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا تُوُفِّيَ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ [مِنْهُمْ] أَبُو شُجَاعٍ أَرْسَلَانُ خَانَ، وَكَانَ لَهُ كَاشْغَرُ، وَخُتَنُ، وَبَلَاسَاغُونُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِهَا، وَكَانَ لَقَبُهُ شَرَفَ الدَّوْلَةِ، وَلَمْ يَشْرَبِ الْخَمْرَ قَطُّ، وَكَانَ دَيِّنًا، مُكْرِمًا لِلْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الدِّينِ، فَقَصَدُوهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَوَصَلَهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَخَلَّفَ أَيْضًا بَغْرَا خَانَ بْنَ قَدْرَ خَانَ، وَكَانَ لَهُ طِرَازٌ وَإِسْبِيجَابُ، (فَقَدِمَ أَخُوهُ) أَرْسَلَانُ وَأَخَذَ مَمْلَكَتَهُ، فَتَحَارَبَا، فَانْهَزَمَ أَرْسَلَانُ خَانَ وَأُخِذَ أَسِيرًا، فَأَوْدَعُوهُ الْحَبْسَ، وَمَلَكَ بِلَادَهُ.

ثُمَّ إِنَّ بَغْرَا خَانَ عَهِدَ بِالْمُلْكِ لِوَلَدِهِ الْأَكْبَرِ، وَاسْمُهُ حُسَيْنُ جَغْرِي تِكِينَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَكَانَ لِبَغْرَا خَانَ امْرَأَةٌ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ، فَغَاظَهَا ذَلِكَ، فَعَمَدَتْ إِلَيْهِ وَسَمَّتْهُ فَمَاتَ هُوَ وَعِدَّةٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَخَنَقَتْ أَخَاهُ أَرْسَلَانَ خَانَ بْنَ قَدْرَ خَانَ، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَتَلَتْ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ، وَمَلَّكَتِ ابْنَهُ، وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَسَيَّرَتْهُ فِي جَيْشٍ إِلَى مَدِينَةٍ تُعْرَفُ بِبَرْسُخَانَ، وَصَاحِبُهَا يُعْرَفُ بِيَنَالْتَكِينَ، فَظَفِرَ بِهِ يَنَالْتَكِينُ وَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَ عَسْكَرُهُ إِلَى أُمِّهِ، وَاخْتَلَفَ أَوْلَادُ بَغْرَا خَانَ، فَقَصَدَهُمْ طُفْغَاجُ خَانَ صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ.

ذِكْرُ مُلْكِ طُفْغَاجَ خَانَ وَوَلَدِهِ

وَكَانَ طُفْغَاجُ خَانَ أَبُو الْمُظَفَّرِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرِ أَيْلَكَ يُلَقَّبُ عِمَادَ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ بِيَدِهِ سَمَرْقَنْدُ وَفَرْغَانَةُ، وَكَانَ أَبُوهُ زَاهِدًا وَمُتَعَبِّدًا، وَهُوَ الَّذِي مَلَكَ سَمَرْقَنْدَ، فَلَمَّا مَاتَ وَرِثَهُ ابْنُهُ طُفْغَاجُ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ، وَكَانَ طُفْغَاجُ مُتَدَيِّنًا لَا يَأْخُذُ مَالًا حَتَّى يَسْتَفْتِيَ الْفُقَهَاءَ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَبُو شُجَاعٍ الْعَلَوِيُّ الْوَاعِظُ، وَكَانَ زَاهِدًا، فَوَعَظَهُ وَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ لَا تَصْلُحُ لِلْمُلْكِ. فَأَغْلَقَ طُفْغَاجُ بَابَهُ، وَعَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْمُلْكِ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>