كُنْكَ، وَلَمْ يَعْبُرْهُ قَبْلَهَا، فَلَمَّا جَازَهُ رَأَى قَفَلًا قَدْ بَلَغَتْ عِدَّةُ أَحْمَالِهِمْ أَلْفَ عَدَدٍ، فَغَنِمَهَا، وَهِيَ مِنَ الْعُودِ، وَالْأَمْتِعَةِ الْفَائِقَةِ، وَجَدَّ بِهِ السَّيْرُ، فَأَتَاهُ فِي الطَّرِيقِ خَبَرُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْهِنْدِ يُقَالُ لَهُ تُرُوجِنْبَالُ، قَدْ سَارَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مُلْتَجِئًا إِلَى بِيدَا لِيَحْتَمِيَ بِهِ عَلَيْهِ، فَطَوَى الْمَرَاحِلَ، فَلَحِقَ تُرُوجِنْبَالَ وَمَنْ مَعَهُ، رَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهُنُودِ نَهْرٌ عَمِيقٌ فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَشَغَلَهُمْ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ عَبَرَ هُوَ وَبَاقِي الْعَسْكَرِ إِلَيْهِمْ، فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ نَهَارِهِمْ وَانْهَزَمَ تُرُوجِنْبَالُ وَمَنْ مَعَهُ، وَكَثُرَ فِيهِ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ، وَأَسْلَمُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ، فَغَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَأَخَذُوا مِنْهُمُ الْكَثِيرَ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَأُخِذَ مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَتَيْ فِيلٍ، وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ يَقْتَصُّونَ آثَارَهُمْ، وَانْهَزَمَ مَلِكُهُمْ جَرِيحًا وَتَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ يَطْلُبُ الْأَمَانَ فَلَمْ يُؤَمِّنْهُ، وَلَمْ يَقْنَعْ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَقُتِلَ مِنْ عَسَاكِرِهِ مَا لَا يُحْصَى.
وَسَارَ تُرُوجِنْبَالُ لِيَلْحَقَ بِبِيدَا، فَانْفَرَدَ [بِهِ] بَعْضُ الْهُنُودِ فَقَتَلَهُ. فَلَمَّا رَأَى مُلُوكُ الْهِنْدِ ذَلِكَ تَابَعُوا رُسُلَهُمْ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ يَبْذُلُونَ لَهُ الطَّاعَةَ وَالْإِتَاوَةَ، وَسَارَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ إِلَى مَدِينَةِ بَارِي، وَهِيَ مِنْ أَحْصَنِ الْقِلَاعِ وَالْبِلَادِ وَأَقْوَاهَا، فَرَآهَا مِنْ سُكَّانِهَا خَالِيَةً، وَعَلَى عُرُوشِهَا خَاوِيَةً، فَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وَتَخْرِيبِهَا وَعَشْرِ قِلَاعٍ مَعَهَا مُتَنَاهِيَةِ الْحَصَانَةِ، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَسَارَ يَطْلُبُ بِيدَا الْمَلِكَ فَلَحِقَهُ وَقَدْ نَزَلَ إِلَى جَانِبِ نَهْرٍ، وَأَجْرَى الْمَاءَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَصَارَ وَحْلًا، وَتَرَكَ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ طَرِيقًا يَبَسًا يُقَاتِلُ مِنْهُ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ، وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ مَعَهُ سِتَّةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَمِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَسَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَأَرْبَعِينَ فِيلًا. فَأَرْسَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute