وَاسْمُهَا سِتُّ الْمُلْكِ، وَقَالُوا: قَدْ تَأَخَّرَ مَوْلَانَا وَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِذَلِكَ. فَقَالَتْ: قَدْ جَاءَتْنِي رُقْعَتُهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي بَعْدَ غَدٍ. فَتَفَرَّقُوا، وَبَعَثَتْ بِالْأَمْوَالِ إِلَى الْقُوَّادِ عَلَى يَدِ ابْنِ دَوَّاسٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ أَلْبَسَتْ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيًّا ابْنَ أَخِيهَا الْحَاكِمِ أَفْخَرَ الْمَلَابِسِ، وَكَانَ الْجُنْدُ قَدْ حَضَرُوا لِلْمِيعَادِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلَّا وَقَدْ أُخْرِجَ أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ صَبِيٌّ، وَالْوَزِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَصَاحَ: يَا عَبِيدَ الدَّوْلَةِ، مَوْلَاتُنَا تَقُولُ لَكُمْ: هَذَا مَوْلَاكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ! فَقَبَّلَ ابْنُ دَوَّاسٍ الْأَرْضَ، وَالْقُوَّادُ الَّذِينَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمُ الْأَمْوَالَ، وَدَعَوْا لَهُ، فَتَبِعَهُمُ الْبَاقُونَ وَمَشَوْا مَعَهُ، وَلَمْ يَزَلْ رَاكِبًا إِلَى الظُّهْرِ، فَنَزَلَ وَدَعَا النَّاسَ مِنَ الْغَدِ فَبَايَعُوا لَهُ، وَلُقِّبَ الظَّاهِرَ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ، وَكُتِبَتِ الْكُتُبُ إِلَى الْبِلَادِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ لَهُ.
وَجَمَعَتْ أُخْتُ الْحَاكِمِ النَّاسَ، وَوَعَدَتْهُمْ، وَأَحْسَنَتْ إِلَيْهِمْ، وَرَتَّبَتِ الْأَمْرَ تَرْتِيبًا حَسَنًا، وَجَعَلَتِ الْأَمْرَ بِيَدِ ابْنِ دَوَّاسٍ، وَقَالَتْ لَهُ: إِنَّنَا نُرِيدُ أَنْ نَرُدَّ جَمِيعَ أَحْوَالِ الْمَمْلَكَةِ إِلَيْكَ، وَنَزِيدُ فِي إِقْطَاعِكَ، وَنُشَرِّفُكَ بِالْخِلَعِ، فَاخْتَرْ يَوْمًا يَكُونُ ذَلِكَ. فَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَدَعَا، وَظَهَرَ الْخَبَرُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ أَحْضَرَتْهُ، وَأَحْضَرَتِ الْقُوَّادَ مَعَهُ، وَأَغْلَقَتْ أَبْوَابَ الْقَصْرِ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ خَادِمًا وَقَالَتْ لَهُ: قُلْ لِلْقُوَّادِ إِنَّ هَذَا قَتَلَ سَيِّدَكُمْ، وَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَقَتَلَهُ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ رَجُلَانِ، وَبَاشَرَتِ الْأُمُورَ بِنَفْسِهَا، وَقَامَتْ هَيْبَتُهَا عِنْدَ النَّاسِ، وَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ، وَعَاشَتْ بَعْدَ الْحَاكِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَمَاتَتْ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالْأَكْرَادِ بِهَمَذَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ زَادَ شَغَبُ الْأَتْرَاكِ بِهَمَذَانَ عَلَى صَاحِبِهِمْ شَمْسِ الدَّوْلَةِ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَهُوَ يَحْلُمُ عَنْهُمْ بَلْ يَعْجِزُ، فَقَوِيَ طَمَعُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute