للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَزَادُوا فِي التَّوَثُّبِ وَالشَّغَبِ، وَأَرَادُوا إِخْرَاجَ الْقُوَّادِ الْقُوهِيَّةِ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَعَزَمُوا عَلَى الْإِيقَاعِ بِهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَاعْتَزَلَ الْأَكْرَادُ مَعَ وَزِيرِهِ تَاجِ الْمُلْكِ أَبِي نَصْرِ بْنِ بَهْرَامَ إِلَى قَلْعَةِ بَرْجِينَ، فَسَارَ الْأَتْرَاكُ إِلَيْهِمْ فَحَصَرُوهُمْ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى شَمْسِ الدَّوْلَةِ فَكَتَبَ الْوَزِيرُ إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بْنِ كَاكَوَيْهِ صَاحِبِ أَصْبَهَانَ، يَسْتَنْجِدُهُ، وَعَيَّنَ لَهُ لَيْلَةً يَكُونُ قُدُومُ الْعَسَاكِرِ إِلَيْهِ فِيهَا بَغْتَةً، لِيَخْرُجَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ اللَّيْلَةَ لِيَكْبِسُوا الْأَتْرَاكَ. (فَفَعَلَ أَبُو) جَعْفَرٍ ذَلِكَ، وَسَيَّرَ أَلْفَيْ فَارِسٍ، وَضَبَطُوا الطُّرُقَ لِئَلَّا يَسْبِقَهُمُ الْخَبَرُ، وَكَبَسُوا الْأَتْرَاكَ سَحَرًا عَلَى غَفْلَةٍ، وَنَزَلَ الْوَزِيرُ وَالْقُوهِيَّةُ مِنَ الْقَلْعَةِ، فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ، فَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ، وَأَخَذُوا الْمَالَ، وَمَنْ سَلِمَ مِنَ الْأَتْرَاكِ نَجَا فَقِيرًا.

وَفَعَلَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ بِمَنْ عِنْدَهُ فِي هَمَذَانَ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُمْ، فَمَضَى ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْهُمْ إِلَى كِرْمَانَ، وَخَدَمُوا أَبَا الْفَوَارِسِ بْنَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ صَاحِبَهَا.

ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيِّ وَابْنِ فَهْدٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ مُعْتَمَدُ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشُ بْنُ الْمُقَلَّدِ عَلَى وَزِيرِهِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيِّ، وَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ سُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدٍ بِالْمَوْصِلِ، وَكَانَ ابْنُ فَهْدٍ يَكْتُبُ فِي حَدَاثَتِهِ بَيْنَ يَدَيِ الصَّابِي، وَخَدَمَ الْمُقَلَّدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَصْعَدَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَاقْتَنَى بِهَا ضِيَاعًا، وَنَظَرَ فِيهَا لِقِرْوَاشٍ، فَظَلَمَ أَهْلَهَا وَصَادَرَهُمْ، ثُمَّ سَخِطَ قِرْوَاشٌ عَلَيْهِمَا فَحَبَسَهُمَا، وَطُولِبَ سُلَيْمَانُ بِالْمَالِ، فَادَّعَى الْفَقْرَ فَقُتِلَ.

وَأَمَّا الْمَغْرِبِيُّ فَإِنَّهُ خَدَعَ قِرْوَاشًا، وَوَعَدَهُ بِمَالٍ لَهُ فِي الْكُوفَةِ وَبَغْدَاذَ، فَأَمَرَ بِحَمْلِهِ وَتُرِكَ. وَفِي قِرْوَاشٍ وَابْنِ فَهْدٍ يَقُولُ الشَّاعِرُ، وَهُوَ ابْنُ الزَّمَكْدَمِ:

وَلَيْلٍ كَوَجْهِ الْبَرْقَعِيدِيِّ ظُلْمَةً ... وَبَرْدِ أَغَانِيهِ، وَطُولِ قُرُونِهِ

سَرَّيْتُ، وَنَوْمِي فِيهِ نَوْمٌ مُشَرَّدٌ ... كَعَقْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدٍ وَدِينِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>