وَتَقْدِيمِ الْوُفُودِ إِلَيْهِ، وَثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ يَحْلِقُونَ رُءُوسَ زُوَّارِهِ وَلِحَاهُمْ، وَثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ وَخَمْسُمِائَةِ أَمَةٍ يُغَنُّونَ وَيَرْقُصُونَ عَلَى بَابِ الصَّنَمِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ كُلَّ يَوْمٍ.
وَكَانَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ كُلَّمَا فَتَحَ مِنَ الْهِنْدِ فَتْحًا، وَكَسَرَ صَنَمًا يَقُولُ الْهُنُودُ: إِنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ قَدْ سَخِطَ عَلَيْهَا سُومَنَاتُ، وَلَوْ أَنَّهُ رَاضٍ عَنْهَا لَأَهْلَكَ مَنْ تَقَصَّدَهَا بِسُوءٍ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ يَمِينَ الدَّوْلَةِ عَزَمَ عَلَى غَزْوِهِ وَإِهْلَاكِهِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْهُنُودَ إِذَا فَقَدُوهُ، وَرَأَوْا كَذِبَ ادِّعَائِهِمُ الْبَاطِلِ، دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَاسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى وَسَارَ عَنْ غَزْنَةَ عَاشِرَ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ثَلَاثِينَ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ عَسَاكِرِهِ سِوَى الْمُتَطَوِّعَةِ، وَسَلَكَ سَبِيلَ الْمُلْتَانِ، فَوَصَلَهَا مُنْتَصَفَ شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَفِي طَرِيقِهِ إِلَى الْهِنْدِ بَرِيَّةُ قَفْرٍ، لَا سَاكِنَ فِيهَا، وَلَا مَاءَ، وَلَا مِيرَةَ. فَتَجَهَّزَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ عَلَى قَدْرِهَا، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ الْحَاجَةِ عِشْرِينَ أَلْفَ جَمَلٍ تَحْمِلُ الْمَاءَ وَالْمِيرَةَ، وَقَصَدَ أَنْهَلْوَارَةَ، فَلَمَّا قَطَعَ الْمَفَازَةَ رَأَى فِي طَرَفِهَا حُصُونًا مَشْحُونَةً بِالرِّجَالِ، وَعِنْدَهَا آبَارٌ قَدْ غَوَّرُوهَا لِيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ حَصْرُهَا، فَيَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فَتْحَهَا عِنْدَ قُرْبِهِ مِنْهَا بِالرُّعْبِ الَّذِي قَذَفَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَتَسَلَّمَهَا، وَقَتَلَ سُكَّانَهَا وَأَهْلَكَ أَوْثَانَهَا، وَامْتَارُوا مِنْهَا الْمَاءَ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.
وَسَارَ إِلَى أَنْهَلْوَارَةَ فَوَصَلَهَا مُسْتَهَلَّ ذِي الْقَعْدَةِ، فَرَأَى صَاحِبَهَا الْمَدْعُوَّ بَهِيمَ قَدْ أَجْفَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا وَأَمْعَنَ فِي الْهَرَبِ، وَقَصَدَ حِصْنًا لَهُ يَحْتَمِي بِهِ فَاسْتَوْلَى يَمِينُ الدَّوْلَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَسَارَ إِلَى سُومَنَاتَ، فَلَقِيَ فِي طَرِيقِهِ عِدَّةَ حُصُونٍ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَوْثَانِ شِبْهَ الْحُجَّابِ وَالنُّقَبَاءِ لِسُومَنَاتَ، عَلَى مَا سَوَّلَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فَقَاتَلَ مَنْ بِهَا، وَفَتَحَهَا وَخَرَّبَهَا، وَكَسَرَ أَصْنَامَهَا، وَسَارَ إِلَى سُومَنَاتَ فِي مَفَازَةٍ قَفْرَةٍ قَلِيلَةِ الْمَاءِ، فَلَقِيَ فِيهَا عِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ مِنْ سُكَّانِهَا لَمْ يَدِينُوا لِلْمَلِكِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ السَّرَايَا، فَقَاتَلُوهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute